بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 29 يوليو 2013

الانتخابات الكويتية: المهم ليس ما يحدث الآن، بل ما سيحدث بعد ذلك-لوري بلوتكين بوغارت


في 27 تموز/يوليو جرت انتخابات برلمانية في الكويت؛ والأمر الذي يميز الهيئة التشريعية في هذه الدولة هو تمتعها بسلطة حقيقية في البلاد خلافاً لما هو الوضع في دول الخليج الفارسي النفطية الأخرى: فباستطاعتها تمرير أو رفض قوانين واستجواب وزراء الحكومة بقسوة، وهؤلاء غالباً ما يكونوا من أعضاء أسرة آل الصباح الحاكمة. وتشمل الجماعات السياسية في البلاد طيف واسع من أبناء الشعب بمن فيهم الإسلاميين السنة، والشيعة والقوميين العرب والليبراليين والشعوبيين وأبناء القبائل. وعلى الرغم من أن الحكومة قد اتخذت في الأشهر الأخيرة إجراءات صارمة على نحو غير عادي تجاه الذين ينظر إليهم على أنهم يعملون على إهانة الأمير (وهو إجراء معارض للقانون) أو يحرضون على القيام بأعمال تشكل تهديداً للأمن، إلا أن الكويتيين يتمتعون بحرية واسعة من النقاش السياسي بمشاركة الجمهور خلافاً لأي بلد آخر من دول الخليج.

بيد، كانت السياسة الداخلية مضطربة على نحو خاص منذ عام 2006، بعد وفاة حاكم  الإمارة الأمير جابر الأحمد الجابر الصباح الذي شغل منصبه فترة طويلة، وبعد الفصل بين منصبي ولي العهد ورئيس الوزراء، الأمر الذي ترك الأخير يخضع لانتقادات أوسع من ذي قبل. وتمثل انتخابات السابع والعشرين من تموز/يوليو، التصويت البرلماني السادس الذي يُجرى خلال سبع سنوات - وهي فترة أدت خلالها المراسيم التنفيذية والنتائج إلتي توصلت إليها "المحكمة الدستورية" إلى حل كل برلمان منتخب قبل انتهاء فترة ولايته.
هل هو تأثير مهدِّئ؟
إن إحدى أهم القضايا المحيطة بالانتخابات تتعلق بما إذا كانت ستهدئ الحياة السياسية الداخلية غير المستقرة في الكويت أو تفاقمها أو تحافظ عليها أساساً. وهناك مؤشران يشيران إلى أن عملية التصويت لن تحل المأزق الحالي.
أولاً، تخطط غالبية الجماعات السياسية مقاطعة الانتخابات احتجاجاً على قيام الحكومة بتعديل قانون الانتخابات من جانب واحد. وهذا القرار، الذي وافقت عليه "المحكمة الدستورية" في منتصف حزيران/يونيو، قد غيّر عدد الأصوات التي يمكن للكويتيين الإدلاء بها من أربعة إلى واحد. (ولدى البرلمان خمس دوائر انتخابية، كل واحد منها مكون من عشرة مقاعد، وكما كان الوضع من قبل، يكون المرشحين العشرة الأوائل الذي يحصلون على أكبر عدد من الأصوات في كل دائرة انتخابية هم الفائزين.) ويرى البعض أن التغيير يشكل وسيلة لإعاقة جماعات المعارضة وتعزيز فرص المرشحين الذين هم أكثر انصياعاً للحكومة. وتشمل المقاطعة إسلاميين سنة، وتحالف شيعي وشعوبيين وليبراليين، وإن كان بعض أعضاء الجماعات مجال البحث يخططون لخوض الانتخابات. وكما كان عليه الحال في انتخابات كانون الأول/ديسمبر 2012، من المرجح أن يستفيد الشيعة من المقاطعة، مع اعتماد الحكومة عليهم جزئياً لتحقيق التوازن مع الآخرين في وقت تشهد فيه كافة أنحاء المنطقة توتراً ملحوظاً بين الشيعة والسنة.
والعامل الثاني هو عدم مبالاة الناخبين. فهذه الانتخابات هي الثالثة خلال ثمانية عشر شهراً؛ إن انعدام الحماس الذي يحيط بها هو أمر واضح وملموس. لقد كان الإقبال على انتخابات كانون الأول/ ديسمبر قد انحدر إلى نسبة 40 في المائة، وهي نسبة منخفضة تُعزى إلى المقاطعة. ومن المتوقع أن تكون نسبة الإقبال على انتخابات السابع والعشرين من تموز/أيلول أعلى بقليل فقط. ويشكل ذلك ابتعاداً كبيراً عن معدلات الإقبال النموذجية في الكويت، بما في ذلك 60 في المائة في انتخابات شباط/فبراير 2012، و 59 في المائة في عامي 2009 و 2008، وأكثر من 90 في المائة في عام 2006. إن اجراء الانتخابات خلال فصل الصيف الحار (عندما يترك العديد من الكويتيين البلاد) وبعد مرور أكثر من أسبوعين من بدء شهر رمضان (عندما ينخفض ​​النشاط خلال النهار) يمكن أن يخفض أيضاً من نسبة الاقبال.
لقد أصيب الكويتيون بخيبة أمل شديدة في البرلمان السابق، الذي انتخب من قبل عدد قليل نسبياً من الناخبين، وشمل فقط أقلية من الجماعات السياسية، وعمل بصفة عامة كختم للحكومة. وبالنظر إلى المقاطعة وغيرها من العوامل، قد يتحمل البرلمان الجديد عبء تلك المشاكل.
تطور تكتيكات المعارضة
لم تعرض الجماعات التي تحالفت لمقاطعة الانتخابات نفس النوع من الواجهة التي عرضتها مباشرة هذه الجماعات قبل انتخابات كانون الأول/ديسمبر. وخلال تلك الفترة، شهدت الكويت بعض من أكبر المظاهرات في تاريخها، عندما شاركت قوى المعارضة في الاحتجاج على قرار السلطة الحاكمة بشأن عدد الأصوات التي يمكن لأي فرد الإدلاء بها - وهو نفس الموضوع الذي يشكل حالياً موضع خلاف. وتشمل أسباب عدم إشراق شمس حركة الاحتجاج الحالية دعم "المحكمة الدستورية" للقرار، وخيبة أمل الجمهور، وعدم الاهتمام بالسياسة البرلمانية، ودرجات حرارة الصيف اللاهب في منطقة الخليج، التي يمكن أن ترتفع إلى 120 درجة.
وثمة عامل آخر هو تحلحل الخلافات بين الجماعات التي تقاطع الانتخابات وانعدام الاهتمام الجدي في التعاون، بما في ذلك فيما يتعلق ببرنامج أساسي للمعارضة. ويتوق الكويتيون إلى قيام تغييرات كما زاد استعدادهم للمشاركة في العمل السياسي بسبب خيبة الأمل التي أُصيبوا بها من أساليب الاحتجاجات التقليدية التي يشرف عليها السياسيون. ونتيجة لذلك، ظهرت على السطح جماعات المصالح الخاصة كطريق بديل للعمل السياسي. ويعني ذلك جزئياً، أن هذا هو استمرار لاتجاه البلاد نحو حركات الشباب المحايدة.
وتشكل "اللجنة الوطنية لرصد الانتهاكات" إحدى هذه الجماعات. فعند الإعلان عن تشكيلها في آذار/مارس 2013، أكدت "اللجنة" صراحة أنها لا تسعى إلى تحدي القيادة الكويتية أو السلطات الأمنية. وبدلاً من ذلك، تشمل أهدافها تعقب الاعتقالات [التي تقوم بها السلطات] ومساعدة النشطاء المحتجزين من خلال العمل على ربطهم بمحامين. وتعيد الحركة إلى الأذهان الجهود الجماهيرية التي بذلت في المملكة العربية السعودية، عندما سعى بعض المواطنين إلى تحفيز العمل السياسي من خلال القيام بحملات لاطلاق سراح عشرات الآلاف من السجناء السياسيين في المملكة، والذي كان العديد منهم قد اعتقل بتهم تتعلق بالإرهاب بعد عام 2003. ويمكن الاسترشاد من تجربة السعودية بأن هذا النوع من الحملة التي تقوم بها جماعات المصالح يمكن أن يجذب جماهير كبيرة ويكون موضع اهتمام الحكومة.
التوقعات الإسلامية
يشكل أداء الجماعات الاسلامية في أعقاب الإطاحة بالحكومة المصرية برئاسة جماعة «الإخوان المسلمين» إحدى القضايا الرئيسية التي تهم الكويت وبقية دول المنطقة. ومع ذلك، يقاطع «الإخوان» والعديد من السلفيين المتشددين انتخابات السابع والعشرين من تموز/يوليو، ووفقاً لذلك سوف يتعين دراسة الكثير من أعمالهم خارج عمليات فرز الأصوات والنشاط البرلماني.
وتوفر الكويت مساحة سياسية واسعة وعلنية لهذه الفصائل الإسلامية لكي تعبر عن وجهات نظرها. وفي الخليج، تتمتع جماعات بحرينية أيضاً بفرص الدعوة إلى تعزيز مصالحها، ولكن يُسمح القيام بذلك - فقط لأن الذي يفهم من هذه الجماعات أنها ستتعاون مع الحكومة في البرلمان ضد الجماعات الشيعية التي تشكل الأغلبية.
وقد شجبت الفئة السياسية المرتبطة بـ جماعة «الإخوان» الكويتية - وهي "الحركة الدستورية الإسلامية"  ("حدس") المنظمة تنظيماً جيداً - عملية الاطاحة بمحمد مرسي مَثلُها مثل جماعات «الإخوان» الأخرى في جميع أنحاء المنطقة. وفي 6 تموز/يوليو، أي بعد ثلاثة أيام من سقوط مرسي، شجبت "الحركة الدستورية الإسلامية" «الانقلاب على الدستور والديمقراطية، والمكاسب من الثورة الشعبية في 25 كانون الثاني/يناير» وأدانت «دور جميع الأطراف الداخلية والخارجية» في دعم العملية. وبعد أن تعهدت الكويت في 10 تموز/يوليو بتقديم مساعدات لمصر تبلغ 4 مليارات دولار (إلى جانب مليارات أخرى من السعودية ودولة الإمارات)، قالت "الحركة" أن هذه الأموال يجب أن تستخدم لتلبية الحاجات الداخلية في الكويت. وشارك عدة مئات من أعضاء "الحركة الدستورية الإسلامية" في مسيرة تندد بتعهدات تقديم المساعدات.
. ومنذ إقامة "الحركة الدستورية الإسلامية" بعد تحرير الكويت من العراق عام 1991، لم تحصل "الحركة" سوى على عدد قليل جداً من المقاعد في الانتخابات البرلمانية. بيد، تشير الأنشطة الحالية لـ "الحركة" أن الأعضاء يشعرون أكثر جرأة كونهم "مظلومين" في مصر، وأن الأحداث في القاهرة قد جعلتهم يعملون على إسماع صوتهم في هذه القضية. وقد تستمر هذه المشاعر في التطور طالما تحدث هزات ارتدادية في البلد الأكثر اكتظاظاً بالسكان، ويمكن القول، الأكثر نفوذاً في المنطقة - ويعني ذلك، استمرار هذه المشاعر عدة أشهر إضافية.
التداعيات الأوسع نطاقاً
يعتقد العديد من الكويتيين أن انتخاب برلمان غير ممثل للشعب سوف يكون له تأثير محدود فقط على الديناميكية الأمنية العامة في البلاد. بيد، يشوه الشلل السياسي المستمر في الكويت صورة الديمقراطية البرلمانية في عيون الكثيرين في دول الخليج. ولا يمكن لأصدقاء الديمقراطية سوى الأمل بأن يكون باستطاعة الكويتيين من مختلف ألوان الطيف السياسي إيجاد طريقة للعمل معاً بشكل أكثر فعالية من خلال التوصل إلى حلول وسط والتفاني المشترك من أجل المصلحة الوطنية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق