بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 30 يوليو 2013

لعبة تفاوضية بالمقلوب -طاهر العدوان -الاردن

من تراث المفاوضات العربية الإسرائيلية ان العرب يقبلون ما كانوا قد رفضوه في السابق لكن بعد مرور السنوات وتضييع الوقت .  اصل هذه المقولة هم الإسرائيليون وقد اختبروها في السابق بنجاح وها هم اليوم امام مثال آخر ، فبعد رفض فلسطيني استمر أكثر من خمس سنوات تعود السلطة  الى التفاوض متخلية عن شرط وقف الاستيطان بل انها تذهب الى مفاوضات واشنطن بدون مرجعيات  . 
الإسرائيليون لم يتمسكوا فقط بالاستيطان  انما أضافوا شرطا آخر استبق به نتنياهو المفاوضات في قرار  حكومته يوم
الاحد الماضي « بان أي اتفاق ينجز سيطرح للاستفتاء على الإسرائيليين « والمخدوعون يعتقدون ان هذا الإعلان يدل على ان نتنياهو مقدم على اتخاذ قرار صعب كالذي اتخذه شارون عندما انسحب من غزة ، والواقع ان نتنياهو أضاف خطا احمر جديد امام المفاوضات  في مجتمع إسرائيلي لم يعط ثقته ، منذ عشر سنوات  ، الا الى عتاة العنصرية  والمستوطنين . 
كما ان هذا الإعلان  سلاح ضغط جديد سيستخدمه نتنياهو على المفاوض الفلسطيني ليقول له في كل مرة يرفض فيها السلام الإسرائيلي المعروض عليه بانه ان لم يقبل فان الشعب الإسرائيلي لن يوافق على الاتفاق عند طرحه على الاستفتاء وهكذا تستمر اللعبة التفاوضية بالمقلوب او كما يقال ( بالشقلوب ) لانه في كل المفاوضات التي جرت  بالتاريخ يطرح الاستفتاء ،الذي يسمى تقرير المصير ، على الشعب الرازح تحت الاحتلال وليس على ( الشعب ) الذي يحتل جيشه بلدا آخر . 
هذا الاستثناء الذي يريد نتنياهو ترسيخه كمبدأ للتفاوض بدل قراراي ٢٤٢ و ٣٣٨ يضع مائدة التفاوض على قواعد خاطئة وبداية من هذا النوع ستقود الى نتائج كارثية ، خاصة وان الإعلام والسياسة الصهيونية  قد نجحتا في قلب الموقف الرسمي والشعبي في الولايات المتحدة عندما صورت عقبة السلام  بانها تتمثل برفض الفلسطينيين الاعتراف بان اسرائيل دولة لليهود ، وبما ان اسرائيل لا تعترف بان الضفة والقدس أراض محتلة انما متنازع عليها فان فكرة الاستفتاء تقدم للعالم المخدوع ( ان كانت الاجابة بنعم) بانها تنازلات صعبة وسخية من الإسرائيليين عن ( أرضهم ) من اجل السلام!. 
يقدم الفلسطينيون في السلطة التبريرات بانهم يذهبون للمفاوضات بعد ان رفضوا سنوات طويلة لم يتقدم العرب خلالها بمواقف عملية تجعل هذا الرفض مجديا فلا هم قدموا أموالا كافية للصمود ولا ضغوطا ذات وزن على واشنطن لتجبر نتنياهو على وقف الاستيطان .  
وبغض النظر عن صحة هذه التبريرات أم لا ، فان المخاطر من الذهاب الى المفاوضات بلا وقف للاستيطان وبلا مرجعية قانونية للمفاوضات سيقود الى احد احتمالين ، الأول - فشل المفاوضات لأني من بين الذين يعتقدون بانه لا يوجد قائد فلسطيني قادر على منح احتلال اسرائيل البركة والشرعية ، لكن هذه المفاوضات  ستقترن بمشهد نمو وتوسع استيطاني غير مسبوق وسيستخدم  المفاوض الإسرائيلي  هذا الواقع الموجود على الارض لإلقاء ضغوط هائلة على المفاوض الفلسطيني . 
أما الاحتمال الثاني فهو نجاح المفاوضات وتوصلها  الى حل نهائي ، لكن الظروف والمؤشرات والسوابق ترجح بانه لن يكون الحل العادل المنشود و يخشى ان يبنى على الأمر الواقع  (الاستيطاني والتهويدي ) في الضفة والقدس مع تجميله( بمكياجات ) الدولة والانسحاب والاستقلال في كانتونات ممزقة ،و دولة غير قابلة للحياة بدون علاقة ما مع الاردن تغطي عيوب هذا الحل وتستر عوراته .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق