لم يحظَ مرشح رئاسي بتأييد إعلامي بمثل ما حظي به المرشح عبدالفتاح السيسي الذي وجد في استوديوات الفضائيات مسرحاً لحملته الإعلامية بدلاً من الشوارع والساحات والميادين.الفضائيات سعت الى تلميع صورة المرشح، وخصصت له مساحات واسعة، وراحت تبحث وتناقش مستقبل البلاد في ظل الحكم المنتظر
.تحليلات وبرامج، لا تحصى، أُنجزت لدعم السيسي، في محاولة لإعطاء صورة نقية لا تشوبها اية شائبة، في مقابل المساحة الإعلامية القليلة التي أُتيحت للخصم حمدين صباحي.
.تحليلات وبرامج، لا تحصى، أُنجزت لدعم السيسي، في محاولة لإعطاء صورة نقية لا تشوبها اية شائبة، في مقابل المساحة الإعلامية القليلة التي أُتيحت للخصم حمدين صباحي.
كان متوقعاً أن يفوز السيسي على خصمه، وبغالبية ساحقة، غير أن المفارقة تمثلت في نسب المشاركة التي وصفت بـ «المتواضعة أو المتوسطة»، والتي لم تتناسب قط مع التمهيد الإعلامي الكبير، وهذا ما يطرح سؤالاً عن دور الإعلام في مثل هذه المناسبات.
الإعلام يستطيع، بالطبع، أن يجمّل الصورة، وأن يجعل الحياة «وردية»، وهو قادر على بيع الأوهام والأحلام، بأرخص الأثمان، فالتلفزيون «صندوق عجائب» كما يقال، وله أن يظهر كل ما هو جذاب ومحبب. لكن هل الواقع هو دائماً على هذا النحو المشرق الذي يصوره الإعلام؟
تجربة الانتخابات المصرية، وتحديداً نسب المشاركة المتواضعة، تثبت أن الفضائيات لا تستطيع أن تغير القناعات بسهولة، فهي قادرة على جذب شرائح واسعة نحو برامج محددة أو مسلسل تلفزيوني وهي تستطيع أن تجد إجماعاً بخصوص نجم سينمائي أو مطرب أو رياضي. ولكن في مجال تغيير القناعات والتوجهات السياسية، فإن الأمر يحتاج إلى أكثر من مجرد استوديو ينقل صوراً زاهية.
الأفكار المتجذرة في الوجدان يصعب انتزاعها أو تعديلها، بسهولة، فالفضائيات التي تثير اسئلة وتطرح مواضيع مختلفة، تبدو عاجزة عن الدفع بشخص نحو صناديق الاقتراع، ولعل هذا ما تجلى في التجربة المصرية، إذ بدا البون شاسعاً بين إعلام راح يهلهل ويبالغ ويعد بـ «عرس انتخابي ضخم»، وبين مراكز اقتراع بدت شبه فارغة في بعض المحافظات.
يبدو أن ملفات الأمن والوضع الاقتصادي والخدمي والتعليمي والصحي هي أكبر من أن ننظّر لها بتبسيط عبر الفضائيات، إذ يعلم المواطن العربي أن هذه الصور الزاهية ليست سوى خدعة يعيشها للحظات ثم يصحو صباحاً على قتامة الواقع...
ثمة قائمة طويلة من الطلبات عليه أن يؤمنها، وإذ ينظر إلى الشاشة المطفأة ربما يسخر من نفسه عندما انساق وراء بريق الشاشة، واعتقد، لوهلة، أن الوهم قد يتحول إلى حقيقة.
واللافت أن الفضائيات التي تبنت حملة السيسي ما زالت مستمرة في التضخيم والتفاؤل، غبر آبهة بنسب التصويت المتواضعة التي تقول شيئاً مختلفاً عن جوقة الإعلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق