بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 5 يوليو 2013

بصــدق‏..‏ ومـاذا بعـد؟‏!‏ ---عبد الناصر سلامة - مصر



في الخامس والعشرين من يناير‏2011‏ سطر المصريون فصلا مهما في تاريخهم الحديث‏,‏ إلا أنه بدا منقوصا‏,‏ فكانت ظاهرة الاعتصامات والإضرابات والاحتجاجات وقطع الطرق‏,‏ التي توقفت معها حركة الحياة إلي حد كبير‏,‏ مما ألقي بظلال قاتمة علي الأمن والاقتصاد والسياحة والاستثمار‏,‏ وتقريبا كل شيء‏.‏


وفي الثلاثين من يونيو2013 سطروا فصلا جديدا لا يقل أهمية, إلا أن ما نخشاه هو أن يظل منقوصا هو الآخر; بتحريض تارة وعنف تارة أخري, وذلك في ظل طبيعة الأزمة, التي أحاطت بالعملية السياسية برمتها, وفي ظل تشرذم المجتمع وانقسامه أيديولوجيا وطبقيا, وحتي طائفيا.
هي إذن أزمة حقيقية, لا يجب بأي حال أن نغفلها, أو لا نوليها قدرها الذي تستحقه, آخذين في الاعتبار إخفاقات الماضي القريب وسلبياته, التي أري أن أهمها هو الإقصاء والحظر, سواء كان ذلك قبل ثورة25 يناير أو بعدها, بمعني أن شيئا لم يتغير بعد الثورة عما قبلها, وهو الأمر الذي أوصلنا إلي هذه الحالة!
مطلوب, فقط, أن نتعلم الدرس, وأن نعي المشاهد السابقة بكل ملابساتها, وذلك بأن نسقط من حساباتنا هذه الآفة, التي تتمثل في الهيمنة والاستحواذ والتكويش, فالمجتمع يتسع للجميع, بل هو في حاجة إلي الجميع, علي مختلف فصائلهم واتجاهاتهم وأعمارهم, وهو ما لم تفطن إليه القيادة, سواء في الماضي القريب أو البعيد.
لقد أثبت الشعب المصري, وخاصة خلال الأحداث الأخيرة, أنه علي مستوي المسئولية, وذلك بحفاظه علي ممتلكات الدولة ومنشآتها, وبسلمية التظاهرات والتجمعات, إلي حد كبير, كما أثبتت القوات المسلحة, وكما أكدنا مرارا وتكرارا, أنها سوف تظل حجر الزاوية في الشأن المصري, الخارجي منه والداخلي, وأنها الملاذ الأخير لأزماتنا الأمنية والاقتصادية, وأيضا السياسية.
إلا أن تعاون الشعب مع هذه القوات ودعمه وتأييده لها يظل هو الحالة الخاصة التي تميزت بها مصر عبر تاريخها القديم والحديث, وهو ما يجب أن يستمر, حتي نستطيع أن نعبر بهذه المرحلة إلي بر الأمان, وحتي نستطيع تعويض عامين ونصف العام من الانكسار في شتي المجالات, وحتي نستطيع أن نثبت للعالم أجمع أننا شعب يستحق الحرية.
نحن الآن علي بداية طريق شاق من العمل الوطني, إذا لم تتوحد فيه الجهود نحو البناء والتنمية فسوف نظل ندور في حلقة مفرغة من الانفلات والتعثر, وإذا لم نتناس فيه خلافاتنا ونرتفع فوق الأطماع الشخصية والتطلعات الحزبية الضيقة فسوف نظل نتخبط إلي المجهول, وإذا لم نستمع إلي بعضنا بعضا بطريقة حضارية فسوف تغرق السفينة بنا جميعا.
ولذلك, فإن خريطة المستقبل, التي نحن بصددها الآن, يجب أن تكون النواة التي يلتف حولها أبناء الشعب- كل الشعب ذ من أقصاه إلي أقصاه, والتي قد تشكل إلهاما للشعوب الأخري, إن هي كانت بحجم المتوقع منها, وقد تشكل لا قدر الله خيبة أمل, إن كانت دون المأمول.
وما نأمله من الرئيس الجديد هو أن يكون رئيسا لكل المصريين, ومن الحكومة الجديدة أن تكون معبرة عن إرادة الشعب, ومن لجنة صياغة الدستور أن تكون توافقية, تمهيدا للانتخابات البرلمانية والرئاسية, التي أري أنها سوف تكون الأهم في تاريخ مصر, أما لجنة المصالحة الوطنية فسوف يقع عليها العبء الأكبر في احتواء كل آثار الأزمة الحالية والأزمات السابقة.
لقد دعونا كثيرا من قبل إلي أهمية احتواء أعضاء الحزب الوطني بالنظام الأسبق ضمن المنظومة السياسية للمجتمع, وها نحن ندعو إلي احتواء كل التيارات الإسلامية بالنظام السابق, ضمن هذه المنظومة الآن, وسوف نظل ندعو إلي إعمال مبدأ العفو والمصالحة مع النظامين, مادام الأمر لا يتعلق بقضايا دم أو تحريض علي العنف, وما دون ذلك هو عبث لن تتحمله الأجيال الحالية, ولا الأجيال القادمة.
علي أي حال.. ما نود تأكيده هو أننا علي يقين من أن مصر في حفظ الله ورعايته حتي قيام الساعة, والشواهد أمامنا كثيرة, فكلما ضاقت حلقاتها فرجت, وكلما استحكمت فتحت, ولم لا؟, وفيها خير أجناد الأرض.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق