بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 11 يوليو 2013

ايقاع الاحداث يقوى لكن الرد الاسرائيلي محدود - عاموس هرئيل -هآرتس

في ظل الاشتغال العالمي المكثف بالازمة في مصر، يتجدد الهجوم على نظام حكم بشار الاسد في سورية وأنصاره في لبنان. أمس في الوقت الذي كانوا فيه في القاهرة يخشون مواجهة اخرى بين الجيش والاخوان المسلمين، حدثت تفجيرات في مركز دمشق وتفجرت سيارة ملغومة في قلب الضاحية الشيعية في بيروت. وذكّر مسلسل الاحداث بحقيقة ان سورية ما زالت تنزف وأن تأثيرات الحرب الاهلية الفظيعة في الدولة ما زال يُشعر بها في الدول المجاورة ايضا، حتى حينما يحصر الاعلام الدولي عنايته في ما يجري في مصر فقط الآن.
ليس لاسرائيل كما يبدو صلة حقيقية بأحداث أمس في الجبهة الشمالية. تحدثت شبكة ‘العربية’ أولا عن سلسلة تفجيرات في دمشق في الليلة بين الاثنين والثلاثاء. وبعد ذلك في ساعات الصباح جُرح عشرات المواطنين اللبنانيين بتفجير سيارة مفخخة في الضاحية الجنوبية، بالقرب من مركز مدني موالٍ لحزب الله في قلب الحي الشيعي في جنوب بيروت، وليست صورة التفجيرات في دمشق واضحة. أما في ما يتعلق بلبنان فان طريقة عمل التفجير الجماعي الذي يرمي على نحو عام الى بث الرعب لا تميز العمل الاسرائيلي. ويعبر التفجير في مركز الضاحية عن تطور مهم، فهو تحدٍ معلن لحزب الله ومتابعة مباشرة لاطلاق القذائف الصاروخية على الضاحية قبل أكثر من شهر وعدة حوادث اخرى أُطلقت فيها قذائف صاروخية على قرى شيعية في البقاع اللبناني.
من المنطق ان نفترض انه تقف وراء سلسلة الهجمات على حزب الله منظمات سنية من لبنان نفسه، وربما بمساعدة من المعارضة السنية للاسد ايضا.
وليس صدفة ان زعم رئيس هيئة الاركان بني غانتس في الاسبوع الماضي ان ‘النار تشتعل في أطراف عباءة حسن نصر الله’ الامين العام لحزب الله بسبب الحرب الاهلية السورية. وكلما أخذت المنظمة الشيعية تغرق في الصراع الداخلي في سورية عرضت نفسها لهجمات من أعدائها في لبنان نفسه.
في هذه الاثناء نشر موقع عربي على الانترنت هو ‘الحقيقة’ موال للمعارضة السورية تفصيلات تتعلق بحادثة مهمة اخرى، وهي الهجوم الذي وقع في المدينة الساحلية السورية الشمالية اللاذقية في ليل الخميس الاخير. وينسب الموقع الهجوم الى اسرائيل ويفيد بانه أُصيبت به صواريخ يحونط، وهي صواريخ ساحل بحر متقدمة من انتاج روسيا. ويزعم ان الاهداف أصيبت بنيران من البحر من غواصة ‘دولفين’ اسرائيلية كما يبدو. وهذه أول مرة تنسب فيها وسيلة اعلام عربية الهجوم الى اسرائيل بوضوح.
قال وزير الدفاع موشيه يعلون أمس وقت زيارته لقاعدة التدريبات تسالم في النقب: ‘توجد تفجيرات كثيرة في المنطقة. إن حدودنا هادئة وليس هذا مفهوما من تلقاء نفسه. إننا نتابع ما يحدث في بيروت. وهو صراع بين الشيعة والسنيين ونحن لا نتدخل’.
وقال يعلون في جواب عن سؤال عن التفجير في اللاذقية: ‘إننا لا نتدخل منذ فترة طويلة في الحرب الدامية في سورية. عرضنا خطوطا حمراء في سورية. اذا حدث تفجير هناك أو طلعة جوية هنا في الشرق الاوسط فانهم يتهموننا في الأكثر’.
وفي الوقت نفسه عاد وذكر الخطوط الحمراء التي ستتدخل اسرائيل جراءها في سورية وهي: اعتراض نقل سلاح كيميائي من نظام الاسد الى أيدٍ اخرى، واعتراض نقل سلاح متقدم آخر (صواريخ مضادة للطائرات، أو اليحونط البحري أو صواريخ ارض ارض دقيقة) الى حزب الله أو رد على محاولات اجراء عمليات سورية موجهة على اسرائيل على حدود هضبة الجولان.
إن مسلسل الوقائع الاخير في سورية الى جانب التوتر الشديد في مصر، يُصور الصعوبة التي تواجه القيادة الاسرائيلية. فليس فقط ايقاع الاحداث متزايد واتجاه التطورات غير متوقع، بل إن الرد الاسرائيلي محدود بطبيعته. إن اسرائيل، كما نبه يعلون، تجهد في ان تكون لاعبة هامشية قدر المستطاع في الدراما العربية. والتردد هو بين تدخل محدود عن نية اعتراض خطر محدد وبين الخوف من الانجرار الى قلب الأحداث.
إن الجهد الاسرائيلي الرئيس على الحدود المصرية هو منع عمليات منظمات اسلامية من سيناء، الى جانب محاولة الحفاظ على الصلة الامنية الفعالة بالقاهرة رغم الهياج الفظيع الذي يحدث هناك الآن. وتستطيع اسرائيل في واقع الامر في الأساس ان تستعمل ضغطا سياسيا على مصر، إما مباشرة وإما بواسطة الولايات المتحدة لاعادة النظام الى سيناء. لكنها تعلم جيدا ان شبه الجزيرة ليس من أولويات النظام الانتقالي الذي يحاول ان يحتوي غضب الاخوان المسلمين بسبب إقصائهم العنيف عن الحكم. ويستطيع الجيش الاسرائيلي ان يعالج تهديد الارهاب من سيناء اذا وقفت خلايا مسلحة فقط بالقرب من جدار الحدود نفسه.
يبدو ان اسرائيل ستكون مستعدة لضبط النفس في مواجهة غير قليل من الأخطار بغرض الحفاظ على الكنز الأفضل بالنسبة اليها، وهو اتفاق السلام مع مصر رغم ان ذلك لا يُقال بصوت عالٍ. وهي تُمكن مصر للاسباب نفسها من نقض الملحق الامني بالاتفاق وان تُدخل مصر قوات مسلحة اخرى مدعومة فترات قصيرة بدبابات ومروحيات ايضا بحجة أنها ستواجه بصورة أفضل الخلايا الاسلامية من القبائل البدوية.
لكن يبدو انه يوجد فرق بين الهدوء الامني غير العادي السائد الآن من وجهة نظر أكثر المواطنين الاسرائيليين وبين الاحتمال المتزايد لسخونة على الحدود في الجولان وسيناء وعلى حدود لبنان ايضا بقدر ما. إن الهدوء يستمر الآن لأن أكبر اهتمام القوات المسلحة في مصر وسورية موجه للصراعات الداخلية. لكن هناك احتمالا معقولا لأن يؤثر العنف الداخلي على مر الوقت في التوتر مع اسرائيل ايضا.
إن احتشاد عدد أكبر من ناشطي الارهاب المسلحين ممن يؤيدون أفكار اسامة بن لادن، سيفضي بالضرورة تقريبا الى توجيه بعض محاولات التفجير الى داخل اسرائيل. فقد أخذ هذا المسار يحدث بصورة ضعيفة الى الآن على حدود سيناء. وهو متوقع في المستقبل ايضا في هضبة الجولان. وهو أقل إقلاقا من خطر مواجهة عسكرية تقليدية للجيش السوري الذي اختفى كليا تماما تقريبا مع ازدياد شدة الحرب الاهلية هناك وما زال ذا احتمال خطير في ذاته.
في جنوب الهضبة، بالقرب من تلاقي الحدود بين الاردن واسرائيل وسورية، يوجد موقع لقوة المراقبين من الامم المتحدة هُجر قبل بضعة أشهر حينما اشتدت المعارك بين الجيش السوري والمتمردين السنيين المتطرفين من رجال ‘جبهة النصرة’. فقد هرب المراقبون وتشغل الموقع في المكان مجموعة صغيرة من متطرفين سنيين مسلحين. ويمكن ان نراهم من موقع المراقبة في الجانب الاسرائيلي بلا صعوبة. وفي هذه الاثناء حينما لا يشارك المتمردون في المعارك الدورية مع رجال الاسد يقضون وقتهم يستحمون في البركة الصغيرة التي خلفها المراقبون وراءهم. وقد يبحثون لهم عن متعة اخرى في الجانب الغربي من الجدار إن عاجلا أو آجلا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق