بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 7 يوليو 2013

"تمرّد قبل ما تتشرّد" من أجل ترجيف "الأبد" - عقل العويط


Description: عقل العويط
قبل عام، كان ثمّة صديقٌ يقول لي متفجعاً، إن مصر قد دخلت في المحظور التاريخي مع حكم "الإخوان"، وإن عليها أن تنتظر مئة عام قبل أن تفلت من هذا المحظور.
قبل عام أيضاً، كان ثمّة في المقابل صديقٌ آخر يقول لي، إن في مصر المحروسة هذه، شيئاً مريضاً غير قابلٍ للاستمرار، هو هذا الحكم الديني الآفل بالذات.
أمس، التقيتُ هذين الصديقين النقيضين، وكنا في جلسة عملٍ مهنية، فبَدَوَا كمَن أزيح عن كواهلهما عبءٌ وجوديٌّ ثقيل. ذكّرتُهما بالحلم الشبابي المصري، وبما كان من أمر ثورة 25 يونيو على الحكم الفرعوني البائد، وباستحالة أن يذهب ذلك الجهد التاريخي هباءً، أو باستحالة أن يرتمي، موضوعياً، في شدق الحكم الإسلاموي، إلى آنٍ مديد، أو... "إلى الأبد".
كان سبق ما حصل في الثالث من يوليو، يأسٌ كيانيٌّ عميم، استبدّ بالحال المصرية، وبنا جميعاً، من جرّاء الإمعان الديكتاتوري الهمجي في قتل الحلم، في كلٍّ من لبنان وسوريا ومصر والعراق وتونس، وسواها من أمم العرب المكلومة. هو يأسٌ، لم يترك في الواقع موضعاً يُسند إليه حلمٌ أخضر رأسه ليتكئ أو ينام.
حسناً. ولكن!
ففي الثالث من يوليو هذا، وقبله على مدى ثلاثة أيام، تَغَيّر في مصر ما كان يُحسَب أنه غير قابلٍ للتغيّر، إلاّ بعد دهر، أو شبه دهر. فقد كان ثمة شيءٌ شبابيٌّ يعتمل في الوجدان الجمعي المصري. شيءٌ هائلٌ غير مسبوق، يرجّف اليأس، ويقضّ مضاجعه، ويزلزل أركان الحكم الديني، الأصولي، من أقاصي مصر إلى أقاصيها. كان ثمة نداءٌ كيانيٌّ متمرّد، ينتفض في جسد مصر بالذات. نداءٌ هو التمرّد عينه، وقوفاً في وجه المستحيل، فيتمّ تداوله، وتناقله، وتأجيجه من بيت إلى بيت، ومن مدينة إلى صعيد، فيسري سرياناً قيامياً غير قابلٍ للصدّ أو للتراجع أو للوقوف عند حدّ.
هل شاهد أحدكم كيف يهدر البحر، في الخيال العلمي الافتراضي، أو خصوصاً في الواقع، وكيف يزأر، ثم يتمرّد، ليثأر، خارجاً على حدوده، إلى حيث لا يعود ثمة حدودٌ للهدير والزئير والتمرّد والثأر؟
هذا ما حصل حقاً في مصر المتمردة على ذاتها، ثأراً لذاتها، قبل أن تكون تتمرّد على الحكم "الإخواني"، وتثأر من مصادرته لها.
كان ثمة شيءٌ يناقض روح الشعب المصري وسرّ الحركة في التاريخ. وكان لا بدّ للتمرّد الشبابي من أن يرفع العبء عن الروح، وها هو قد فعل. ليس عليه الآن سوى أن يبحث عن حلّ، يرجّف "الأبد" في كل مكان، عارفاً في قرارته، وفي الواقع، أن الدين ليس هو الحلّ.






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق