في الشرق الاوسط ‘يميل المتطرفون الى السير في الطريق كله الى الهدف’، كتب أمس توم فريدمان في صحيفة ‘نيويورك تايمز′ في حين ‘يميل المعتدلون الى السير جانبا’. بحسب الصور التي جاءت من القاهرة لم يكن يوجد معتدلون في العاصمة المصرية في هذا الاسبوع، فقد سار الجميع في كل الطريق من ميدان التحرير الى الحرب الأهلية.
كان الجيش باستقرار رأيه على عزل محمد مرسي ينظر صوب تركيا، فقد رأى أمام عينيه رجب طيب اردوغان الذي نقض المنزلة المميزة التي أقرها أتاتورك للجيش في دستور بلاده، ولم يُرد عبد الفتاح السيسي ان تتكرر صورة السحق في ارض النيل. لكنه لم يأخذ في حسابه ان نصف الأمة الذين أيدوا الاخوان المسلمين قبل سنة لم يتبخروا بعد. فما زالوا يؤيدون مرسي وإن كانوا قد بدأوا يُظهرون علامات خيبة أمل، وظهرت على شاشات التلفاز أمس بداية حرب أهلية.
لم يكن عند مرسي والاخوان المسلمين الفهم الأساسي للرد على المرحلة الاولى من الانقلاب باستعداد لتليين قبضتهم على السلطة، فهم لم يعرفوا الشبع وزادوا في عمق الفساد والسيطرة على كل وظيفة مأمولة، ولم يحلوا في الأساس المشكلات الاقتصادية لنحو من 80 مليونا من أبناء بلدهم. وربما لم يكن الجيش عالما ايضا بالحاجة الى مُحادثة السلطة التي عزلها. وسنعلم تفصيلات التحادث بين الطرفين حينما تنقشع العاصفة. إن شيئا واحدا واضح وهو انه لم يتم تقريب حقيقي بين موقفيهما وأنهما فقدا السيطرة على النفس. إن الجيش الذي يتولى مقاليد الحكم الآن في وضع صعب جدا، فهو يتحمل مسؤولية عن الوضع وهو العنوان لمطالب محرجة من جهات دولية؛ وهو في نهاية الامر يمثل ائتلافا وحدته ضعيفة ولهذا لا يُظهر التصميم والسيطرة على النفس الضروريين في هذه الاوضاع.
هل يتابع الجيش انقلابه حتى لو تركه شركاؤه المتدينون الاسلاميون؟ وهل يستطيع الثقة بوحداته التي أُدخل فيها في السنة الاخيرة كثير من الاخوان المسلمين؟ من السابق لأوانه ان نتكلم في هذا، وكل توقع هو من الفضول. إن الاستخبارات الغربية فشلت جدا في تقديراتها عن مصر، بحيث لا يوجد ما يدعو الى الاعتماد عليها. ويبدو ان من يريد الانتصار سيضطر الى سد مسامعه وألا يسمع الصراخ وان يسلك بحسب ما قيل في صحيفة ‘نيويورك تايمز′ وهو السير في الطريق كله الى الهدف. أما صاحب القلب الضعيف فسينكص على عقبيه في الطريق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق