بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 11 يوليو 2013

لديمقراطية صندوق ذخيرة! ...ياسر أبو هلالة - الاردن


في الأسبوع الأخير، قدم ساسة و"مثقفون" عرب مفاهيم جديدة للفكر الإنساني، تصلح أن تدخل الموسوعات العالمية، وأن تناقش في أطروحات الدراسات العليا في جامعات هارفارد وأوكسفورد والسوربون؛ فالديمقراطية "ليست صندوق الاقتراع". ما هي إذن؟ تسمع شتما للإخوان المسلمين وللرئيس المصري محمد مرسي، ثم شتما للشعوب التي لا تعرف مصلحتها ومن تنتخب، وندبا لحظ العباقرة الذين لا تطبق نظرياتهم. ومن خلال حل لغز الكلمات المتقاطعة، تكتشف أن الديمقراطية هي "صندوق الذخيرة" الذي يتحكم به الضابط الذي يقرر الانقلاب لا الانتخاب.

تحت سطوة اللحظة، علينا أن لا ننسى ما ذكرنا به الإعلامي المصري علاء صادق بأن الرئيس مرسي هو نتاج ستة انتخابات لم تعرف مصر شبيها لها في النزاهة والمشاركة. يقول في تغريدة له: "8 ساعات في الطوابير، على مدار 6 استفتاءات؛ الإعلان الدستوري للعسكر، مجلس الشعب، مجلس الشورى، الرئاسة، مرتين الدستور". خلال عام من حكم الرئيس مرسي ارتكب كثيرا من الأخطاء، لكن لم يكن يهمس الناس بها، كان يُشهر به ويُشتم ويسخر منه، ولم يكن يُعتقل أحد أو يقتل. لو كان مرسي في أي بلد ديمقراطي، فإن العقوبة الوحيدة هي عدم انتخابه أو انتخاب الحزب الذي جاء به، لا قتل 51 من أنصاره على يد الحرس الجمهوري. هذا الفهم الدموي للديمقراطية لم يجد إدانة من "النخب" التي تساند الانقلاب. وكما يجري منذ أيام حسن البنا؛ الضحية هم "الإخوان"، والضحية هي المدانة. توجه التهم لمن لا يملكون السلاح ولا يصدرون أمرا باستخدامه من قادة "الإخوان". عالميا، الصحافة الغربية والأميركية تقول إن الجيش هو من قتل، أما باراك أوباما فهو معني بخريطة الطريق التي يفرضها الانقلابيون.
ما حصل في 30 يونيو هو عودة نظام حسني مبارك بصورة أسوأ. فباستثناء البرادعي الذي يستخدم لغايات العلاقات العامة مع الأميركيين والغرب، فإن رجال مبارك، بدءا من عبدالفتاح السيسي وعدلي منصور وحازم الببلاوي، هم الحاكمون. في عهد مبارك ظل الجيش بمنأى عن قمع المتظاهرين، اليوم ارتكب مجزرة مكتملة الأركان. وفي المفاضلة بين مبارك والسيسي، نلاحظ أن مساحة حركة الإعلام كانت أوسع والاستقطاب كان أقل. ما حصل هو ما لخصه مرتضى منصور أحد أركان مبارك و"ثوار" يونيو، بأن 25 يناير كانت نكسة، و30 يونيو هي الثورة الحقيقية. في ظلمات الجهل والتجهيل والاستقطاب، لا نعدم دستوريا ومفكرا مثل طارق البشري. وهو بالمناسبة من رشحه شباب 25 يناير لترتيب الأوضاع الدستورية بعد الثورة. والرجل ليس من الإخوان، وكتبه تشكل علامة فارقة في الثقافة العربية.
يشخص البشري المشهد في مصر بأنها ليست مع الإخوان المسلمين الذين كان يمكن مقارعتهم انتخابيا في مجلس النواب الذي عطلت المحكمة الدستورية قوانين انتخابه، "ولكننا إزاء معركة تتعلق بالديمقراطية وبالدستور، وهو ما انتكس بفعل قيادة القوات المسلحة في الانقلاب الذي حدث أخيرا. واستغلت هذه القيادة رصيدا شعبيا معارضا للإخوان المسلمين، لتسوقهم جميعا إلى تأييدها فى معركة القضاء على روح ثورة 25 يناير 2011، والديمقراطية، الدستورية". هل من أفق للحل؟ يتشاءم هنا المفكر: "إننا أمام معضلة، وهي أن من يقوم بانقلاب عسكري يكاد يستحيل عليه العدول عنه، لأنه قد صار مصيره الشخصي متعلقا بمصير الانقلاب، وإن من يريد التنازل عن بعض الأوضاع الدستورية الديمقراطية ليتفادى إصرار القوة الانقلابية المادية، من يريد ذلك إنما ينشئ سابقة دستورية خطيرة تهدد النظام الديمقراطي دائما، وهي إمكانية أن تتحرك قوات فى أي وقت لفرض أي مطلب فى ظل أزمة سياسية فعلية".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق