ان ما وقع في صر
من تحولات دراماتيكية بعد 30 يونيه شكل – بحق - صدمة للإسلاميين، خاصة بعد
موجات التفاؤل التي صاحبت الحراك الشعبي فيما عرف بثورات الربيع العربي،
والتي عملت على تصحيح المسار الخاطئ الذي ساد علاقاتهم بالآخر - الفكري
والسياسي - لأكثر من ستة عقود، كانت فيها الاتهامات متبادلة، ومساحات
الصراع مفتوحة على كافة أشكال السجال، من مواجهات مسلحة وقمع واضطهاد
واعتقالات، وكان ظنُّ كل طرف فيها تجاه الآخر أن "لا تلاقيا".
لقد شارك الإخوان المسلمون في الثورة المصرية في أوائل الخمسينيات،
بل كانوا القوة الدافعة وراء زخم نجاحها، ولكن سرعان ما نشب الخلاف بينهم
وبين الضباط الأحرار، مما أدى إلى انتكاسة في العلاقة الطيبة التي كانت
قائمة بينهما، وقد تطور الوضع سوءاً مع إلقاء القبض على قيادات إخوانية
وايداع الألاف من كوادر الحركة في السجون والمعتقلات.
لعل هذا المشهد المضطرب في العلاقة بين الإخوان المسلمين والنظام في
مصر، والذي أخذ بعداً مأساوياً في الستينيات على إثر موجة إعدامات أخرى
للإخوان، قد باعد بين التيار الإسلامي ونظام الرئيس عبد الناصر، وخلق قطيعة
موجعة في العلاقة، استمرت - وبدرجات متفاوتة من المواجهة والصراع - طوال
عهد الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك.
صحيحٌ أن الرئيس السادات فتح لحركة الإخوان المجال للتحرك والعمل في
بداية حكمه في السبعينيات؛ لاعتبارات تتعلق بقدرتهم الفكرية الفذّة في
مواجهة خصومه السياسيين ومناوئيه من قوى اليسار، والذين شكلوا تهديداً
لاستقرار حكمه.. ولولا الإخوان المسلمين وعدائهم الديني للشيوعيين لسقط حكم
السادات في سنواته الأولى.. لكن الرجل - رحمه الله - كان ذكياً، وأحسن
توظيف القوى الإسلامية في التصدي لهم وكسر شوكتهم.. وبعد أن استتبت له
مقاليد الأمور، عاد لوضعية الفرعون ومنطقه في إدارة شئون الحكم؛ "أنا ربكم
الأعلى"، والتي اعتاد عليها – كما يقول البعض - كل الحاكمين في مصر، فلاحق
جميع السياسيين الذي اعتقد أنهم يشكلون خطراً على نظام حكمه، ونال الإخوان
نصيباً من صنوف التعذيب وأشكال الترهيب والاعتقال المختلفة.
في عهد مبارك، لم يختلف الحال كثيراً، إذ ظل الإخوان دائماً في دائرة
التجريم والاتهام، واعتمدت الأجهزة الأمنية بحقهم سياسة الرصد والملاحقة
والتنكيل حتى لا تقوم لهم قائمة أو يشكلون منافساً سياسياً لنظام حكمه.
لا شك أن الانفراجات السياسية التي اتيحت في بعض فترات الحكم لتخفيف
حالة الاحتقان وإعطاء انطباعات عن وجود ديمقراطية في مصر، قد سمحت
للإسلاميين للمشاركة في الانتخابات ووصول عدد منهم لمجلس الشعب.
ظلت علاقة التيارات الليبرالية واليسارية مع الإسلاميين فيها الكثير من
لحظات الشدِّ والجذب، وأحياناً كانت هناك فرصة لتبادل الرأي والمشورة حول
كيفية التعامل مع النظام الحاكم.. ولكن، كان لكل طرف مشروعه الهادف للوصول
للحكم، ولم يكن هناك ما يشي بأن أي أحد منهم يتطل
إلى مشاركة الآخر.
الربيع العربي: مشاركة لا مغالبة
استبشرنا خيراً بالربيع العربي، وسعدنا بأن الجميع مشارك - ميدانياً
- في صنع الثورة، حيث كانت كل العناوين الدينية والسياسية حاضرة، وتوحدت
الهتافات وتناغمت الشعارات وتعانقت الحناجر في سابقة ثورية غير معهودة بهذا
الشكل من التلاحم والتفاهم والتناصر وفهم الآخر.
لأول مرة نرى الرغبة والاستعداد للشراكة السياسية، دونما اعتبار
للخلفيات الدينية أو الأيدولوجية، ودون تداول للشعار الذي اعتاد الإسلاميون
على التعاطي معه، ألا وهو "الإسلام هو الحل".. لقد شاهدنا البداية في تونس
عندما طرح حزب النهضة الإسلامي مبدأ الشراكة مع كافة الأحزاب السياسية
التي شاركت في الانتخابات، وعرض عليهم تقاسم السلطة؛ باعتبار أنهم كانوا
شركاء في الثورة، والآن جاء دورهم ليكونوا شركاء في بناء الوطن؛ لهم ما لنا
– كما يقول الإخوة في حركة النهضة - وعليهم ما علينا، أي أنهم شركاء في
المغرم والمغنم.
وفي اليمن وعلى درجة أقل في ليبيا توصلت جميع التيارات السياسية
والدينية إلى تفاهمات وصيغ تعايش، لخلق حالة من "الشرعية التوافقية" التي
تمنح كل طرف أجواء الاطمئنان والتطمينات التي يريدها لكي يكون شريكاً في
السلطة، وعلى مبدأ "المشاركة لا المغالبة".
ربما ما زلنا نحن الفلسطينيين نحاول الوصول إلى صيغة توافقية تتحقق
معها المصالحة ويتم وضع حدٍّ للانقسام، والوصول بتياراتنا الدينية
والسياسية إلى حكومة شراكة بتوافقات وطنية، وذلك على ضوء المشاهدات داخل
ساحاتنا العربية والإسلامية، إلا أن ما يحدث الآن داخل مصر - مما يراه
البعض من تغول فريق على آخر - سوف يصيبنا بحالة من الاحباط والتراجع،
وسيؤدي بنا للعودة إلى "مربع الأنا الدينية والسياسية"، حيث التهميش
والإقصاء والمناكفات الفصائلية.
في الحقيقة نحن كنا نراهن - كإسلاميين وشخصيات وطنية - على أن لغة
الفكر والمنطق هي الأفق الأسمى للحوار، وأن المصلحة الوطنية العليا مقدمة
على أي اعتبار أو تناقض بين المولاة والمعارضة، إلا أن "الرابح يبقى
وحيداً" كما يقول الأديب البرازيلي باولو كويلو.. إن السلطة بما لها من
مغريات وأثقال على مستوى المال والشهرة والمكانة تستحوذ على اهتمامات
الجميع، وتجعل كل طرف يريد تملكها والاستئثار بها لنفسه، ويمكنه من باب
ادعاء النزاهة والعدل ترك هامش بسيط للآخر يمنحه بعض العطايا والفتات من
الأنفال.
لقد واجهنا في عالمنا العربي والإسلامي اشكاليات تقبل كل طرف للآخر،
ودفعنا من تضحيات شعوبنا أنهاراً من الدماء، وراكمنا تلالاً من الحقد
والكراهية تجاه بعضنا البعض، وظلت مسيرتنا الديمقراطية متعثرة في سياق
الكذب والادعاءات واستهداف كلٍّ منا للآخر، وضلت الأجيال طريقها لعدم
قدرتها أو رغبتها في التكيف لفهم الآخر والبحث عن مساحات المشترك معه، لهذا
ضلَّ الجميع الطريق، وتوشك سفينة الوطن مع تقلبات مواقفنا السياسية - إن
لم نستدرك - على الغرق.
ما يحدث في مصر، وبغض النظر عمَّن يتحمل مسئولية الخطأ، هو وضع
كارثي سيكون له ما بعده، وستدفع الأجيال الحاضرة والقادمة فاتورة أخطاء
وخطايا أهل السياسية من كافة القوى والتيارات والأحزاب السياسية والدينية.
لقد أشار السيد إيجمان بيجس؛ المفوض التركي للشئون الأوروبية
والمفاوضات، قائلاً: "إن أسوء ديمقراطية هي أفضل عشرة مرات من أحسن حكم
عسكري"، لقد احتكمنا للعملية الديمقراطية كقوى سياسية ودينية بأمل أن نخلق
حالة من التعايش السياسي والمجتمعي تضبط سلوكيات الصراع القائم بيننا على
خلفيات أيدولوجية، إلا أن ما وقع - وبغض النظر عن كل التفسيرات التي يتم
تداولها في أوساط الموالاة والمعارضة – سيعود بنا للوراء، وسيفتح كل جراحات
الماضي ويعيد الجميع إلى دائرة الخوف والتربص والتصعيد في رغبات التشفي
والانتقام.
إن ما أمّلناه من حركة النهوض العربي التي بدأت مع ربيع 2010 كان هو
إخراجنا من حالة الانحطاط والتبعية والظلم والاستبداد إلى وضع تستعيد فيه
الأمة وشعوبها مكانتها تحت الشمس، ولكن – للأسف – فبدلاً من أن تتحقق هذه
الأمنيات وجدنا أن أحلامنا تتحول إلى كوابيس، وأن لحظات المجد التي أعتقد
البعض – متفائلاً - أنها بانتظارنا عشناها دماً ينزف في مدن وحواري هذا
الوطن الكبير من المحيط إلى الخليج.
سألني أكثر من دبلوماسي وصحفي
التقيتهم قبل يومين عن الأوضاع في مصر وتداعياتها على الحالة الفلسطينية،
فقلت لهم: إن ما يجري في مصر وسوريا شيء يدمي القلوب، ونحن الفلسطينيون
بدون استقرار المنطقة ووحدة مواقفها السياسية سوف نكون أول الخاسرين، حيث
إن صراعات إخواننا في دول الجوار هي إضعاف لمكانتها، وتشتيت لقواها
السياسية والدينية، وتهميش لقدرات فعلها، وإذهاب لهيبة مواقفها، وتركها
لحالة انعدام الوزن في محيطها الإقليمي والدولي.. وهذا معناه أننا نفقد
ظهرنا القوي، وننكشف أمام عدوٍ أطماعه في أن نفنى والتربع فوق أرضنا لا
تنتهي.
إن مصر بجرحها النازف جراء عدم الأمن والاستقرار فيها هي ما تريده
إسرائيل، وأن خلط الأوراق السياسية داخل الساحة المصرية هي ما تتطلع له بعض
الدول التي تريد استغلال فراغ القوة داخل منطقة الشرق الأوسط، وأن استنزاف
الجيش المصري وإشغاله بصراعات السياسة أو توريطه فيها، هي محاولة دنيئة
لإبعاد "خير أجناد الأرض" عن معركتهم الحقيقية؛ معركة الأمة مع المشروع
الصهيوني الذي يتربص بنا الدوائر، وينصب لنا بمكره مختلف الكمائن.
كلنا أمل ألا تطول معاركنا السياسية في الصراع على السلطة، وأن يقدم
كل طرف من التنازلات ما يحمي مستقبل مصر، ويعيد لها وجهها الذي اعتدنا
عليه من البشاشة والسماحة والترحاب:" ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".
فلسطين: ضمير العرب والمسلمين
خلال فترة الصراع السياسي القائم حالياً في مصر، والتي بدأت مع
انتخاب د. محمد مرسي رئيساً لمصر، قامت وسائل الإعلام المصرية – للأسف -
بشن حملة تشويه وتشهير وتحريض على حركة حماس، وعمدت – بوقاحة - إلى تحميلها
مسئولية أكثر من جريمة وقعت في منطقة شمال سيناء.!!
إن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هو أن الحكومة في غزة كانت –
دائماً - على اتصال مباشر مع الأجهزة الأمنية المصرية وتعمل – بأمانة - على
التنسيق الكامل معها، لمنع حدوث أية تجاوزات أو اختراقات أمنية يمكن أن
تسيء لشكل العلاقة القائمة بيننا، وكانت مصر – مشكورة - طرفاً في معظم ما
تمَّ انجازه من تفاهمات أو تهدئات مع الاحتلال بعد عملية حجارة السجيّل..
وقبل ذلك، كان هناك "ملف شاليط"، ثم مفاوضات تحرير الأسرى الفلسطينيين من
السجون الإسرائيلية فيما عُرف بـ" صفقة وفاء الأحرار"، وأيضاً الجهد
المشكور الذي بذلته مصر، وخاصة جهاز المخابرات العامة، لجمع طرفي الأزمة
على الساحة الفلسطينية؛ فتح وحماس، لتخفيف حدة الاحتقان وجسر هوّة الخلاف
القائمة بينهما، والتوصل لصيغة حل لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة..
وللإخوة في مصر، يرجع الفضل – أيضاً - في تسهيل مهمة دخول وفود كسر الحصار -
العربية والإسلامية والدولية - إلى قطاعنا المحاصر، وكذلك في وصول
المساعدات الإنسانية ومواد البناء لمشاريع الإعمار الكبرى التي ترعها دولة
قطر في قطاع غزة.
إن ما يجمعنا بمصر أكبر من أن تهدمه حملات التحريض الإعلامي، وإن
كانت للأسف قد نجحت في الزج بحركة حماس في المناكفات الجارية داخل الساحة
المصرية، وتوظيف الكثير من الإشاعات في مسعاها للتشهير بالرئيس مرسي وحركة
الإخوان المسلمين.
قبل شهرين التقيت وبعض إخواني الفلسطينيين بمجموعة من الشخصيات
الفكرية والاعتبارية المصرية بمركز النيل للدراسات الاقتصادية
والاستراتيجية بالقاهرة، بهدف الرد على حملات التشويه تلك، حيث إن الكثير
من تلك الأكاذيب والادعاءات قد أخذت طريقها – للأسف – ليس فقط إلى ذهنية
العامة، بل حتى إلى أدمغة المثقفين وأهل الرأي في مصر، ليُصدّقها الكثير
ويشرع – بغباء أو خدمة لأجندات البعض- في ترديدها، وكأنها حقائق مثل فلق
الصبح والشمس في رابعة النهار.!!
وبالرغم من محاولاتي والأخ غازي حمد؛ وكيل وزارة الخارجية، توضيح
الحقائق ووضع النقاط على الحروف، وتبيان الموقف الفلسطيني الحريص دائماً
على أمن مصر، والتعاون والتنسيق من أجل سلامة كل ما هو مصري، إلا أن حجم
الإيمان بتلك الجرعات من الأكاذيب كان فوق مستوى الخيال والفهم.
وأتذكر لقاءً آخر مع أحد الإخوة الأصدقاء في الرئاسة المصرية، والذي
سألني إذا كان دحلان يقف وراء عملية خطف الجنود المصريين الستة في شمال
سيناء.؟
قلت له: يا أخي.. قبل عام تقريباً - وفي شهر رمضان الماضي - كانت
حماس متهمة بقتل حوالي عشرين جندي مصري بينما كانوا يتناولون إفطارهم،
واليوم دحلان.!!
أي أن توتير المشهد الأمني في سيناء يتحمل مسؤوليته طرف فلسطيني؛
فالفلسطيني – حماس أو دحلان – هو من يقوم باستهداف مصر وهيبة جيشها، وهو
الذي يعمل على تخريب الأمن في سيناء.!!
وهذا معناه في المحصلة النهائية، أن الفلسطينيين هم من يستحقون
اللعنة، وهم من يتوجب التنغيص عليهم وملاحقتهم والتضييق عليهم.. وهذا –
للأسف - ما نشاهد آثاره في المعاملات التي يلقاها البعض في المعابر
الحدودية والمطارات.
إن الحقيقة التي يجب ألا تغيب عن أذهاننا جميعاً هي أن لا أحد
فلسطيني يفكر أو يجرؤ على المساس بأمن مصر، وأن علينا التفكير وإعمال العقل
فيمن يمكن أن يكون المستفيد من وراء ارتكاب مثل هذه الجرائم.. إن إسرائيل –
بلا شك - هي صاحبة المصلحة في إظهار سيناء وكأنها منطقة منفلتة أمنياً،
حيث إن أطماعها فيها لا تنتهي، وهذا أمر يجب ألا يختلف عليه إثنان، وهي
تهدف كذلك لإحداث الوقيعة بيننا وبين الشقيقة الكبرى مصر.
أتمنى على الإعلام المصري عدم توريط الفلسطينيين أو حركة حماس في
اتهامات يعلمون علم اليقين أنها باطلة، وأن الفلسطيني ينظر بقدسية ودرجة
عالية من الاحترام لمصر وأهلها وجيشها، وأن من المستحيل أن يفكر فلسطيني –
إسلامي أو علماني – بإطلاق النار على جندي مصري أو أن يمسَّ هيبة الجيش
بقصد جرح كرامته.
ختاماً: تمنيات بتغليب صوت العقل والحكمة
في الواقع، إن معظم الإسلاميين في فلسطين يرون – اليوم - أن ما وقع
في مصر هو انقلاب سافر على الشرعية، وليس كما يحلو للبعض التعاطي مع
المسألة باعتبارها عملية تحول ديمقراطي جرى فيها حدوث تداول سلمي للسلطة
لابدَّ من التسليم به، والنظر إليه كوصفة سحرية للأمن والاستقرار.
إن مخاطر تنامي حالات الاستقطاب الحزبي والاصطفاف على خلفيات دينية
وسياسية في عالمنا العربي آخذة في الازدياد، وباتجاهات تهدد بخطر انفجار
قادم قد لا تحمد عقباه.
إن ما قام به الجيش المصري أكد المخاوف والشكوك التي كانت قائمة لدى
الكثيرين من أنصار التيارات الإسلامية، بأنه لم يكن طرفاً محايداً في
الصراع، بل له حساباته الخاصة وأجندته التي تتمحور حول التحكم بمقاليد
السياسة والحكم ولو من طرف خفي.
إن الفلسطينيين بشكل عام - والإسلاميون بوجه خاص منهم - يريدون لمصر
العزيزة الأمن والاستقرار؛ باعتبار ما يجمعنا من التاريخ والجغرافيا
ومسيرة الدم الذي بذلناه معاً في الدفاع عن كرامة الأمة وحرية أراضيها
وحماية مقدساتها، فالشعب المصري هو في مشاعره ومواقفه كان دائماً يقف إلى
جانب الفلسطينيين وحقهم في استعادة وطنهم السليب، وقد شارك الجيش المصري في
معظم الحروب التي خُضناها لتحرير أرضنا على مدار أكثر من ستين عاماً،
وقدمت مصر عبد الناصر والسادات دماءً غالية من أجل كرامة أمتنا، وخاصة في
مواجهة المشروع الصهيوني الاستعماري الذي ظلت ساحة المواجهة العسكرية
مفتوحة معه، وقد كلفتنا الكثير من العتاد والرجال، في ملاحم بطولية ستبقى
شاهدة لمصر وتضحيات المغاوير من أبنائها.
إن قوة مصر ومكانتها - بغض النظر عن شكل القيادة السياسية فيها - هي
في الحقيقة قوة إسنادٍ عالية للفلسطينيين، وباعث لعناصر الصمود في
مقاومتهم وثباتهم على أرضهم.
إن ما نتمناه لمصر الغالية علينا جميعاً هو الاستقرار والأمن
والازدهار؛ لأن مصر هي العمود الفقري للأمة، وهي الرافعة لنهضتها والسبيل
لعزتها، وإذا انكسرت مصر – الشعب والجيش - لا سمح الله، فإنها الحالقة التي
لا تُبقي ولا تذر، أو كما عبر عنها الشاعر المصري حافظ إبراهيم: أنا إن
قدَّر الإله مماتي لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدي.
إن على الجميع أن يعلم بأن الفلسطينيين جميعاً – والإسلاميون على
رأسهم - يعيشون بكل وجدانهم حباً لمصر، وتلهج ألسنتهم بالدعاء الخالص أن
يحفظ الله مصر وأهل مصر وجيش مصر من الولوغ في أتون نار الفتنة، والتي تعمل
جهات لا تريد الخير لهذه الأمة على إيقاد جذوتها.
اللهم ونحن نستقبل
شهر رمضان الكريم، وببركة دعاء الصالحين احفظ لنا مصر الحبيبة على قلوبنا
جميعاً، وخذ بأيدي أهل الرأي والحكمة فيها لموقفٍ يجنبها الفتن ما ظهر منها
وما بطن.. اللهم أمين أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق