بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 11 يوليو 2013

لتكن الغلَبة... للمصالحة الوطنية -عبد الحميد الرياحي - تونس



منذ أيام تطلّ الفتنة برأسها القبيحة على الشارع المصري.. وقد كشرت أمس عن أنيابها مع المحاولة اليائسة لاقتحام مقر قيادة الحرس الجمهوري، وبالتوازي تتصاعد أصوات العقلاء في مصر داعية الى ضبط النفس والهدوء والإسراع الى مصالحة وطنية تنزع فتيل الأزمة وتحفظ مصر الدولة والشعب والدور من تبعات مخططات شيطانية يُراد من خلالها اشعال حريق كبير داخل البيت المصري.. حريق يضرب المصري بشقيقه المصري ويأتي علي الأخضر واليابس بهدف تهيئة الميدان «لفصل جديد ومهمّ من فصول إنجاز ما سمّي «الشرق الأوسط الجديد».
ليس خافيا أن هذا المخطط الرّهيب الذي يستهدف الأمة العربية قد بدأ مع العدوان الثلاثيني على العراق والذي انتهى باحتلال العراق وإسقاط قيادته وتفكيك مؤسساته وتفتيت كيانه (على الأرض).. وتواصل مع فصول أخرى لا تقلّ دموية ومنها هذا الحريق الذي يلتهم البيت السوري والذي بدأ بحراك ديمقراطي مشروع ولا ينكره أحد وسرعان ما تحول الى حرب إقليمية ودولية علي سوريا وعلى دورها وعلى كيانها وعلى قيادتها الشرعية.
وليس خافيا، بل انه في حكم المعلن أن تحريك الآلة العسكرية الأمريكية لإسقاط الأنظمة وتغيير ملامح حدود المنطقة العربية قد شهد آخر محطاته في العراق.. لتتكفل «الفوضى الخلاقة» بعد ذلك بالمهمة.. وهي فوضى خبيثة ماكرة، مفعولها مدمّر وتفضي الى تحقيق نفس النتائج (رسم خارطة جديدة للمنطقة) ولكن بأياد عربية وبأموال عربية وبأسلحة غربية.. وهو تماما ما يحدث في سوريا حيث يجتهد قسم من السوريين في الاستنجاد بالأجنبي وتجتهد قوى إقليمية ودولية في تغذية الصراع في محاولة معلنة لإسقاط النظام وإنجاز فصل مهم من فصول المؤامرة الكبرى.
وما يجري في مصر ليس غريبا عن هذا الاطار العام، لأن تحرّك المؤسسة العسكرية الحاسم هو في جزء منه نتيجة قراءة دقيقة لخفايا وخبايا الأمور وبالاعتماد على معطيات ومعلومات باتت تضع كيان الدولة المصرية موضع تساؤل.. كما أن التصعيد الذي يعمد إليه أنصار الرئيس المعزول للتعبير عن وجهات نظرهم يصبّ في نفس الخانة التي رسمها مهندسو «الفوضى الخلاّقة» لأن النتيجة ستكون اقتتال المصريين وانتشار الفتنة ليعمي دخانها الكثيف العيون الى حين إنضاج ظروف إنجاز المخطط طالما أنه لم يعد ممكنا تنفيذه بطريقة سلمية.
من هنا تستمدّ الأصوات الداعية الى التعقّل والى المصالحة الوطنية كل
مشروعيتها وكل زخمها.. لأن كل المصريين في النهاية شركاء في الوطن بعيدا عن أي إقصاء وبعيدا عن الضغائن والأحقاد التي لا تزيد إلا في إرباك مصر وإضعافها وشقّ صفّها في مواجهة الأخطار الحقيقية المتربّصة بها.. والتي تستوجب الخروج من مربع المصلحة الحزبية الضيّقة الى خيمة الوطن لإجهاضها وتفويت الفرصة عليها وعلى من يقف وراءها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق