بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 28 سبتمبر 2013

الدولة والقبيلة والميليشيات خالد عزب

تظاهرة في بنغازي (رويترز)زرتُ ليبيا أخيراً لأيام عدة، للمشاركة في اجتماعات الموسوعة الأفريقية. كانت هذه هي زيارتي الأولى. بدا لي للوهلة الأولى أنها بلا جيش ولا شرطة، وعلى رغم ذلك هناك توازن الرعب بين ميليشيات القبائل، بخاصة في طرابلس العاصمة. فهذه القبائل تدرك أن قتال ميليشياتها سيؤدي إلى حرب أهلية ستفقد فيها ليبيا الكثير من الأرواح وستفقد المستقبل. توازن الرعب هذا يجعل الجميع حذرين حين يوشك أي صدام أن يقع، ويجعلهم في الوقت نفسه قلقين على مستقبل ليبيا.
لذا فالدستور والجيش والشرطة هي أولويات الليبيين، بحسب ما تخطه أيادي الشباب على جدران شوارع طرابلس، لكن من يستطيع أن يدمج الميليشيات في الجيش أو الشرطة ويذيبها فيهما بعيداً من انتماءاتها القبلية، هو من سيصنع مستقبل هذا البلد.
ولن يكون هذا ممكناً من دون مصالحة حقيقية بين القبائل التي قاتلت مع القذافي وتلك التي قاتلت ضده وتحملت الكثير في سبيل إزاحته، طي صفحة القذافي هو الحل الأمثل لمستقبل ليبيا، بخاصة أن أنصار القذافي قبائل لها عددها وتسليحها، إن استمرار حوادث الاغتيالات والسطو المسلح خصوصاً في بنغازي، دفع هاشم بشر، رئيس محكمة أمن الدولة في طرابلس إلى تقدم الصفوف وفرض هيمنته على الميليشيات في طرابلس، فأصبح هو الملجأ في حالات الاختطاف وحتى في حالات الخلافات الزوجية.
عدم طرح المصالحة والمصارحة في ليبيا سيجعل الأمر متوتراً مع قبائل كبرى كـالمقارحة الذين ثارت ثائرتهم إثر إشاعة خطف العنود ابنة عبد الله السنوسي رئيس استخبارات القذافي، واضطرت الدولة إلى تسليمها، إن جهود علي زيدان، رئيس الوزراء الليبي تعد في هذا السياق جريئة، لكن جهوده وحده ليست كافية من دون اقتناع القبائل بهذا كالزنتان لن تكون هناك جدوى.

مستقبل واعد
مستقبل ليبيا على جانب آخر يبدو واعداً، إذ عودة الكثير من الليبيين المعارضين للقذافي من أصحاب الخبرات والتطلعات للمستقبل ينبئ عن دولة مختلفة، فضلاً عن سعى هؤلاء إلى البناء على ما أسسته ليبيا وحقق لها مكانة ودور على نحو تفعيل دور مركز الدراسات الأفريقية وجمعية الدعوة الإسلامية، فضلاً عن التخطيط العلمي للدولة، فبعد سنوات طويلة من الإهمال سينال الداخل الليبي حظه من التنمية، إذ إن القذافي أهمل تنمية هذا الداخل، فمدينة طرابلس تعد من أكبر العواصم الأفريقية والعربية التي جرى البناء فيها من دون تخطيط محكم ومن دون شبكة مرافق وطرق ناجزة، لذا فالزحام هو عنوان المدينة الآن.

كما أن إدارة البلديات في ضوء الصلاحيات الواسعة لها ستعطى للمدن والقرى دفعات جديدة من النمو، على نحو ما يتوقعه سكان بنغازي إثر الانتخابات البلدية المقبلة، مشكلات ليبيا تمتد إلى حدودها، فمشاكل تهريب السلاح إلى مصر والجزائر وتونس تشكل عقبة في فتح الحدود بشكل حر بين هذه الدول، فالقذافي خزن واشترى أسلحة تكفي عشرة جيوش، فضلاً عن أن ليبيا تمتلك استثمارات في مصر وتونس فضلاً عن العمالة المصرية والتونسية في ليبيا، لذا فإن ليبيا تعد الآن مفتاح توطيد أو فك العلاقات بين دول شمال أفريقيا العربية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق