بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 سبتمبر 2013

حرب مصر ضد «الإرهاب» بدأت بالإخوان وانتهت بحماس حسين الرواشدة


آخر ما كان يتوقعه المصريون ان يكون حصاد “ثورتهم” في يناير هو “الدخول” في حرب ضد “الإرهاب” ومع ان “المصطلح” هذا ليس جديدا علينا في عالمنا العربي، الا ان محاولة احيائه ونفخ الروح فيه في عصر “التحولات” السياسية التي استبشرنا بأنها ستفتح ابوابنا على اجواء الحرية والديمقراطية، تصطدمنا مرتين: مرة لان الذين يرفعون شعار الحرب ضد الارهاب يضمرون في داخلهم “حربا” مفتوحة وطويلة ضد كل من يعارضهم، وبالتالي فان اي امل قد يلوح في الافق على “نهاية” الصراع والانقسام في المجتمع المصري سيتحطم على جدار هذه الحرب التي لن تنتهي حتى تخضع المجمع كله لحكم العسكر وينفض يديه من احلامه التي حققها في ثورته، اما الصدمة الثانية فهي ان الحرب على الارهاب التي بدأت اعلاميا “بشيطنة” الاخوان وحلفائهم، ثم امنيا بفض الاعتصامات وقتل الآلاف من الابرياء قانونيا بحل “جماعة الاخوان” ومعاقبة اعضائها وايداعهم في السجون تجاوزت الآن المجتمع المصري الى خارجه، إذْ هدد وزير الخارجية المصرية “حماس” بانها ستكون الهدف القادم لهذه الحرب اذا ما استمرت في “التدخل” بالامن المصري، وبالتالي فان مبدأ الحرب المفتوحة على الارهاب التي يعتمدها النظام المصري الجديد سيشمل “الاسلاميين” المتعاطفين مع الاخوان، كما ان الخيارات “الامنية والعسكرية” ستكون مطروحة “لتأديب” حماس عقابا لها على مؤازرة الاخوان.
إذْ قرأت تصريحات  الوزير المصري ضد حماس تبادر الى ذهني انها غير دقيقة فعدت الى نص المقابلة التي نشرتها صحيفة الحياة، ووجدت ان المسألة جدّ لا هزل فيها، فالوزير قال بالحرف الواحد: “إن رد مصر سيكون قاسيا اذا شعرنا بأن هنالك اطرافا من حماس او اطرافا اخرى تحاول المسّ بالامن القومي المصري” مضيفا “ان هناك مؤشراتٍ كثيرة سلبية” وبان الرد سيعتمد على “خيارات عسكرية امنية وليس خيارات تنتهي الى معاناة للمواطن “الفلسطيني” والمقصود –بالطبع- مفهوم إذْ إن اعلان حرب من الجانب المصري ضد حماس ليس مستبعدا كما ان توجيه ضربات جوية او مدفعية لمواقع داخل غزة يبدو واردا.
هي الحرب على الارهاب اذن!! وسواء كانت ضد الاخوان المسلمين وحلفائهم، او ضد “الطابور الخامس”  كما مهدت صحيفة الاهرام، او ضد  حماس كما هدد وزير الخارجية، فانها تعني ان مصر الجديدة دخلت في “نفق” طويل وان امام  المصريين “مرحلة” صعبة، لن يخسر فيها الاخوان فقط، ولا “الثوار” الذين ضحوا من اجل اسقاط النظام السابق، ولا الاقتصاد المصري الذي يقف على حافة الانهيار، وانما ستخسر فيها مصر دورها وحضورها واستقرارها كما سيخسر عالمنا العربي مصر “كقطب” محرك وكروح نابضة وكعمق سياسي واستراتيجي وستنعكس احداث مصر على باقي اقطارنا، وسيدفع الجميع ثمن هذه “الحرب” ضد “وهم” الارهاب على حساب استقرار المجتمعات وعيش الناس ومستقبل ثوراتهم و”تحولاتهم” التي تمخضت فولدت “حروبا” ضد الارهاب بدل ان تلد حروبا ضد الفقر والاستبداد وانتجت “انقلابات” بدل ان تنتج مزيدا من الحرية والديمقراطية.
لا بد ان يستدرك “العقلاء” في مصر هذا “الانسداد” السياسي الذي دفع بالسلطة الجديدة الى “المكاسرة” مع مجتمعها ومع محيطها، والى تقديم “حلم الوصول للسلطة” والبقاء فيها على دور مصر ومكانتها وضرورتها، لا للمصريين وحدهم، وانما للأمة العربية والاسلامية كلها، فمصر التي نعرفها –حتى في اسوأ عصورها- ليست هذه التي نسمع من المسؤولين فيها الآن اعلانات الحرب على مواطنيها وعلى اخوانهم في القطاع المحتل، وليست هي التي تستقيل من دورها  وتتخلى عن واجباتها الانسانية والقومية وليست هي التي “تتوحش” فتقصي بعض قواها وتحطم انجازاتها وتشيع اجواء الكراهية وسط مجتمعها وفي محيطها.

نريد ان تعود مصر الى فضائها الداخلي؛ الذي عبّرت عنه ثورة يناير، والى فضائها العربي الذي استعادته في حرب اكتوبر، والى دورها السياسي والحضاري؛    الذي لم تتنازل عنه حتى في ظل استبداد الانظمة التي حكمتها. ولا خيار امام المصريين الا في هذه “العودة” لكن ليس ابدا عبر بوابة “الحرب ضد الارهاب” وانما من بوابة النضال لاستعادة “الثورة” التي اجهضت والمصالحة التي تعيد العافية للمجتمع الذي ارهقته “لعبة” الانقسام والشيطنة والتخويف، والاصرار على مواجهة “الفتنة” التي لن يكسب منها الا اعداء مصر والمتربصون بأمتنا، وما اكثرهم، في هذا العصر!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق