بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

إنكلترا: الرجل المريض -سمير التنير

بدأ الازدهار الاقتصادي يصعد في بريطانيا منذ أوائل الثمانينيات من القرن الماضي، عندما أصبحت لندن من أهم المراكز المالية في العالم. وشمل ذلك عمليات التجارة والوساطة والتحويلات. وكان يتم التداول بمئات مليارات الدولارات كل يوم، كما تضاءل الاهتمام بالمصانع وبنقابات العمال. وتحولت التجارة المالية إلى صناعة قائمة بذاتها. وترافق كل ذلك مع ارتفاع أسعار العقارات إلى مستويات غير مسبوقة. وأصبح القطاع العقاري الأهم في المملكة المتحدة. غير أن ذلك لم يستمر طويلاً إذ أتت الأزمة المالية العالمية في العام 2008، لتطيح كل ذلك. وتبلغ نسبة البطالة الآن 8 في المئة. كما يعيش 27 في المئة من الأطفال في حالة فقر. وأشارت دراسة أجرتها جامعة بريستول إلى ان ثلث البريطانيين لا يجدون الغذاء الكافي، أو لا يستطيعون تحمل نفقات التدفئة في الشتاء. والوضع الاقتصادي بحسب عالم الاقتصاد دافيد غوردون ينتقل من سيئ إلى أسوأ، بسبب ركود آليات الضمان الاجتماعي، وانخفاض الأجور.
ينوء البلد بسبب تداعيات الأزمة المالية، وتتسع الفروق بين الأغنياء والفقراء، وتتصاعد النزاعات بين التيارات السياسية اليمينية واليسارية. كما ولد حزب صغير معادٍ لأوروبا يدعى حزب «أوكيب»، ويقف على يمين حزب المحافظين الحاكم. وتثور الجدالات بين التيارات السياسية حول الانسحاب أو عدمه من الاتحاد الاوروبي. كما سيجري في خريف العام 2014 استفتاء حول انفصال اسكتلندا. وفي حال الانفصال فإن عائدات النفط والغاز المصدرة من منشآت بحر الشمال ستكون من نصيب اسكتلندا وحدها.
لا تفارق المستثمرين ورجال الأعمال ذكريات أيام العز التي استمرت عقدين، وانتهت بانهيار الأسواق المالية في خريف العام 2008، حيث كان الواحد منهم يحصل على ملايين الدولارات وهو جالس في مكتبه. وقد شهدت تلك الفترة أيضاً بناء أبراج شاهقة نافست تلك الموجودة في نيويورك وهونغ كونغ وشنغهاي. وبسبب الكساد اضطر أصحاب تلك البنايات إلى بيع بعضها لأمراء الخليج العربي. ولكن برغم ذلك بقيت أبنية عديدة فارغة من دون شارٍ أو مستأجر.
تكمن المشكلة في الجزيرة الانكليزية انها لا تخص الانكليز فقط. بل تتشارك فيها أقوام أخرى ومنهم الاسكتلنديون الذين لا يريدون بعد الآن مشاركة الانكليز في ما يعتبرونه ملكاً لهم. وعند ذاك يمكن اعادة تسمية بريطانيا «بالمملكة غير المتحدة».
يستمر الاتحاد بين الانكليز والاسكتلنديين منذ 700 عام. وقد نشرت الحكومة في لندن مؤخراً دراسة كبيرة حول مخاطر الانفصال. وتظهر التوقعات الأخيرة ان أكثر من ثلث الاسكتلنديين يؤيدون الانفصال. وفي هذه الأثناء تتصاعد الفروق بين الأغنياء والفقراء. ونشرت جريدة «التايمز» قائمة بأسماء مئة شخصية من الأكثر ثراء في بريطانيا، في حين لا تزال ناطحات السحاب في لندن خالية وفارغة في انتظار الشارين الذين لا يأتون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق