بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 27 سبتمبر 2013

حركة «حماس» تواجه أخطاراً متعددة ... و«المصالحة» مخرجها الوحيد محمود سرحان



معبر رفح البري (أ ب)

توالت اخيراً الضربات القاسية التي تتلقاها حركة حماس في غزة واحدة تلو الأخرى، وبدأت هذه الضربات بخسارة الإخوان المسلمين «الحركة الأم» للحكم في مصر وتحولها أيضاً لفلول نظام سابق واتهامها بالتورط في أحداث العنف الكبيرة التي شهدتها البلاد والتي أدت إلى تغيير طبيعة العلاقة مع الجارة الهامة.
الآن تواجه حركة حماس تحدياً جديداً يختلف شكلاً ونوعاً، هذه المرة أتى من داخل القطاع الذي تسيطر عليه بقبضتها الحديدية، إذ خرجت مجموعة من الشباب الغزي تحت عنوان «تمرد على الظلم في غزة» احتلت إحدى صفحات التواصل الاجتماعي ودعت في بيانها الأول إلى «التمرد على الظلم والفساد والانقسام، وانعدام الحرية والديموقراطية واحتكار السلطة في غزة». وكلها عناوين مقلقة جداً لسلطة حماس وأثارت الكثير من المخاوف لدى مسؤوليها منذ البداية ودفعت رئيس الحكومة إسماعيل هنية للقول: «التمرد يجب أن يكون فقط على الاحتلال الإسرائيلي»، وهو ما حمل إشارة واضحة «للمتمردين» بأن حماس سوف تقمع هذا التحرك كما قمعت سابقاً كل التحركات التي تخالفها في التوجه أو الرأي، وعلى رغم الاستنفار الأمني واعتقال عشرات الشبان الذين يشتبه بتعاونهم أو عضويتهم في «جماعة تمرد» لم تفلح فعلياً في إسكاتهم بل على العكس زاد إصرارهم على المتابعة، مما اضطرها للرد على دعوة الجماعة لأنصارها في غزة «لحملة تصفير» ضد حكمها يوم الجمعة الفائت؛ قامت بدورها حركة حماس بالدعوة لمليونية تصفير ضد المفاوضات! وهذا ما يشير إلى عجزها عن الوصول إلى هؤلاء الشبان وقمع هذه الظاهرة الجديدة بالطرق الأمنية المعتادة.
تعتبر حماس حركة التمرد في غزة واجهة لمخطط تآمري واسع عليها؛ خارجي من دول عربية وداخلي من السلطة الفلسطينية وإسرائيل، حيث قال الناطق باسم وزارة الداخلية في حكومتها إسلام شهوان خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد منذ فترة وجيزة بأن اعترافات أحد الموقوفين لديها كشفت مخططاً كبيراً يستهدف ضرب القطاع وإثارة القلاقل واستهداف شخصيات، تشترك فيه أجهزة استخبارات الاحتلال الصهيوني وجهاز استخبارات سلطة رام الله والأمن الوقائي وأجهزة استخبارات دول عربية. في إشارة إلى محمد دحلان مسؤول الأمن الوقائي في قطاع غزة قبل سيطرتها عليه والذي تذهب الكثير من التكهنات بأنه أحد الداعمين الحقيقيين لهذا التحرك، وهذا بالتالي ما سـيمهد لأعمال عنف واعتقالات كبيرة في قطاع غزة تحت ذريعة مواجهة هذا المخطط التآمري.
على أرض الواقع، أصبحت حماس تواجه خطراً حقيقياً متعدد الوجوه، فبعد خسارتها لشريان الحياة عبر الأنفاق في سيناء زادت الأوضاع الاقتصادية سوءاً في شكل كبير وقد ذكر تقرير دولي نشر منذ أيام للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان حمل عنوان «الموت البطيء» حذر فيه من انهيار حاد يتهدد مفاصل الحياة كلها في قطاع غزة قد يصل إلى 80 في المئة نتيجة الآثار المدمّرة على حياة سكانه بفعل الانقطاع الأخير في إمدادات الغذاء والوقود عبر الأنفاق الواصلة بين القطاع والأراضي المصرية التي تقلص عددها من حوالى 500 إلى 150 نفقاً فقط.
أصبح واضحاً أن الخيارات محدودة جداً لدى حركة حماس للخروج من هذا الوضع الخانق الذي تنذر غيومه السوداء بأمطار غزيرة على موقعها على قائمة المقاومة الفلسطينية وحكمها في قطاع غزة، ومحاولة الهروب إلى الأمام من خلال دعوة الفصائل الفلسطينية للمشاركة في إدارة قطاع غزة فشلت قبل أن تبدأ، والأوضاع الاقتصادية آخذة بالتدهور علاوة على خسارتها لحليفها المصري الذي أصبح مشغولاً بالدفاع عن نفسه، وكل هذا قد يمهد الأجواء لظهور انتفاضة شعبية للإطاحة بها بخاصة بعد اتساع صدى حركة التمرد التي تريد خروجها من الحكم، وإذا اعتبرت السلطة الوطنية الفلسطينية قطاع غزة إقليماً متمرداً ستـكون الضربة القاضية التي ستقصم ظهرها والذي سيعتبره الغزيون انسداداً حقيقياً للأفق السياسي في إنهاء الانقسام وتحررهم من الحصار الخانق.
يبدو أن المخرج الوحيد للحركة إن كانت تريد حقاً الحفاظ على وحدة الشعب الفلسطيني ونهج المقاومة الذي تعبر عنه، وتنقذ نفسها وشعبها من التورط في اقتتال فلسطيني- فلسطيني يخدم فقط عدوها إسرائيل، تنفيذ بنود المصالحة المتفق عليها بينها وبين حركة فتح وإعلان حكومة التوافق الوطني التي بدورها سوف تعد لانتخابات عامة تشريعية ورئاسية وقد يحالفها الحظ وتبقى في السلطة بشرف وإن خرجت من السلطة تخرج أيضاً بشرف من دون إراقة أية قطرة من دماء الفلسطينيين. عليها أن تدرك بأن رياح التغيير قد هبت هذه المرة بطريقة عاصفة وفي الاتجاه المعاكس والأفضل لها وللجميع أن تبدأ بالاستجابة للوضع الجديد وتحقيق المصالحة المنشودة.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق