بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 30 سبتمبر 2013

حق العودة: النظر في عيني الحقيقة الكسندر يعقوبسون - هآرتس


يُجادلني عودة بشارات في ما كتبت عن الطلب الفلسطيني لحق العودة، ويُنبه الى أنه ‘ينبغي الكف عن التزعزع والغشية تقريبا في كل مرة يُثار فيها مبدأ حق العودة، وكأن الحديث عن كلام كُفر’ (‘ينبغي النظر في عيون اللاجئين’، ‘هآرتس 16/9). أجل لا حاجة الى أن نُزعزَع بل يجب أن نسدد النظر الى الواقع، وأن نحاول أن نفهمه فهما صادقا حتى لو لم يكن الواقع سهلا ايضا.
ليس لمؤيدي الاحتلال وارض اسرائيل الكاملة مشكلة مع هذا الواقع، فهم يريدون المناطق على كل حال، ونظريتهم السياسية تعني نوعا من ‘عودة’ ملايين الفلسطينيين الى اسرائيل. لكن من أراد الخلاص من الاحتلال، لا مناسرائيل، يعنيه أن يعلم هل الجانب الفلسطيني مستعد اليوم للتسليم بذلك المبدأ، الذي جعله يخرج للحرب في سنة 1948 وهو مبدأ دولتين للشعبين. لم يمت أحد الى الآن من كلام الكُفر، لكن اسرائيل لا يمكن أن تحيا مع مبدأ أن يحق لنسل اللاجئين أن يسكنوا فيها كما يختارون.
إن من يطلب الى اسرائيل أن تتحمل المسؤولية وحدها عن نشوء مشكلة اللاجئين، يطلب منها أن تعلن أن محاولة القضاء عليها وهو الهدف المعلن للجانب الفلسطيني والدول العربية في تلك الحرب كانت عدلا؛ ومن هنا فان اسرائيل تتحمل كامل المسؤولية عن الضرر الذي وقع بالفلسطينيين لاحباطها هذه المحاولة. إن هذا الطلب لا يبشر باستعداد لمصالحة تاريخية. يحدث احيانا في الحقيقة أن يحاولوا القضاء على شخص آخر عدلا؛ لكن حتى آنذاك يتوقع أن يقاوم من توجه إليه هذه المحاولة مقاومة شديدة.
إن زعم أن اسرائيل قاومت القضاء عليها في 1948 بشدة مفرطة لا يثبت في أية مقارنة جدية بسلوك شعوب ودول في مواجهة تهديدات وجودية. وعلى كل حال رأى التراث السياسي الذي يتأثر بشارات به، وهو تراث الحزب الشيوعي الاسرائيلي، مسألة العدل بصورة مختلفة: فقد أيد خطة التقسيم والدولتين اعتمادا على مبدأ حق تقرير المصير للشعبين. واتهم اولئك الذين رفضوا التقسيم بحرب عدوانية وبكارثة الشعب الفلسطيني. فليس من المنطق أن يطلب الى اسرائيل أن تتبنى الآن موقف الحاج أمين الحسيني من هذه القضية، بدل موقف الشيوعيين الاسرائيليين آنذاك.
سيتبين لاسرائيل كما يرى بشارات بعد أن تقبل مبدأ العودة الى داخل اراضيها، أن الفلسطينيين ‘يعرفون حدود التطبيق الكامل لمبدأ حق العودة’. لكن لا حاجة لتعريض وجود اسرائيل للخطر الى التطبيق الكامل لمبدأ حق العودة، لأن ما هو أقل من ذلك يكفي. تعلن القيادة الفلسطينية بحق اختيار الهجرة الى اسرائيل حقا شخصيا لكل لاجئ لم يُفوض الى أحد أن يتخلى عنه باسمه. ويفترض أن تكون المصالحة على صورة تحقيق هذا الحق بحيث تحدد أنصبة من العائدين في فترة محددة؛ لكن لا يفترض أن يكون أي نصيب نهائيا إلا بعد أن يُستنفد، وينبغي تحديد نصيب آخر لأن حق الاختيار الشخصي ‘المقدس باقٍ الى الأبد وينتقل من جيل الى جيل الى ذرية اللاجئين.
لا أقترح أن نفرض أن هذا الموقف نهائي بالضرورة، بل يجب أن نمتحن ذلك. واذا تبين أن هذا هو الموقف لا غير، فان من يؤمن بأن تقسيم البلاد حاجة ضرورية لاسرائيل لن يكف عن البحث عن طرق عملية لذلك دونما صلة بالموقف الفلسطيني، لكن لا يجوز إغماض العيون. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق