بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 29 سبتمبر 2013

أثرياء العراق يحتلون المرتبة السادسة -حسين الصدر




تتولى العديد من الجهات الضليعة بالموارد والثروات، إصدار التقارير السنوية والدورية عن أضخم أصحاب الثروات في العالم، وهي لا تكتفي بالاشارة الإجمالية، لما تبلغه تلك الثروات بالأرقام، وانما تعمد الى ذكر المراتب التي يحتلها أثرياء هذا البلد أو ذاك.
ففي آخر تقرير أصدرته شركة "ويليث – أكس" – المتخصصة في المعلومات والتفاصيل المختلفة عن أثرياء العالم وتوزيع الثروة فيه – والتي أصدرته هذا العام (2013) ذكرت : ان اجمالي الثروة التي يملكها أثرياء العالم تُقدّر ب(27,8) تريليون دولار يمتلكها 199,235 ثرياً حول العالم، وغالبية هذه الثروة تتركز في أميركا.
وما يعنينا من هذه التقرير، المعلومات الواردة فيه عن وطننا الحبيب "العراق"، لنتبيّن موقعه قياساً بدول العالم، ولنعرف مستوى الأثرياء فيه قياساً الى الأثرياء في باقي دول العالم. والمهم ان تقرير الشركة المذكورة، وافانا بالجواب الوافي عن الاسئلة التي تتراقص في الأذهان باحثة عن الجواب، فقال : إنّ العراق يحتل المرتبة السادسة، وقد توزعتْ على 175 ثرياً، وليس ذلك بالغريب عن بلد " كالعراق" مشهور بثرواته النفطية والمعدنية، ولكنّ المفاجئ والمدهش شيء آخر!.
والسؤال الآن : ما هو الخبر المفاجئ في التقرير؟
الجواب : ان بعض المسؤولين العراقيين يتقدمون 175 ثرياً في العراق، بثروة مقدارها 15 مليار دولار ضمن أثرياء الشرق الأوسط .
وأشار التقرير الى أنّ غالبية الأثرياء العراقيين هم من المقاولين القريبين من السلطة، وعند هذه النقطة بالذات يجب ان نتوقف قليلاً لنسلط الضوء على ما آلت اليه الأحوال في العراق.
اننا لا نستكثر على الشركات الكبرى أنْ تجني من الأرباح ما يقفز بها الى مديات عالية للغاية، ولكننا نتساءل: كيف أُتيح لبعض المسؤولين العراقيين ان تتضخم أرقام ثرواتهم الى الحدّ الذي ينافسون به أثرياء العالم ؟!!
ان الرواتب والمخصصات الممنوحة لهم، مهما بولغ في مقدارها، لا تتيح لهم تحقيق تلك الثروات الهائلة، فمن أين جاءت الأرقام الفلكية ؟
ومن المفيد هنا أن نذّكر ببعض الحقائق :
ان كبار رجال الدولة في العهد الملكي ومنهم رؤوساء وزارات – كالمرحوم سماحة السيد محمد الصدر، والدكتور المرحوم محمد فاضل الجمالي ...، ماتوا وهم لايملكون دوراً لسكناهم، فضلاً عن امتلاك ثروات هائلة ..!!
وفي العهد الجمهوري، قُتِل الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم، دون ان تكون له دارٌ يملكها أو اية عقارات أخرى.
وفي ظلّ الدكتاتورية المبادة - التي اعتبرت العراق وثرواته وموارده كلها شيئاً من أشيائها – طفت على السطح ظاهرة الاستحواذ على المال العام، والموارد والثروات الوطنية بدون وجه مشروع، وتجبيرها لصالح القائد الضرورة (...) ومن لف لفه من عتاة المفسدين، وان هذه الممارسات المنكرة ، واستمراره في انتهاك الحرمات، كانت في طليعة الأسباب التي دعتنا الى مناهضته ومقارعة نظامه بلا هوادة، دفاعاً عن الوطن والمواطنين، وانتصاراً للقيم والمبادئ والثوابت الوطنية التي آمنا بها ولن نحيد عنها الى الأبد.
اننا نسمع في ايامنا هذه، ما لم يسمعه العراقيون عبر تاريخهم الطويل، من أحاديث تبدأ ولا تنتهي عما يملكه هذا المسؤول أو ذاك من عقارات في لندن وغيرها من عواصم العالم الكبرى.
ولا يستطيع أحد أن يحصي على وجه الدقة والتفصيل، كل تلك الممتلكات المنهوبة من الشعب العراقي، والمسجلة باسماء وعناوين شتى ..!!
لقد حوّلت تلك السرقات الفظيعة بعض أصحاب الباع الطويل في هذا المضمار، ممن تسللوا في غفلة من الزمن الى مواقع ليسوا أهلاً لها، الى عناصر متغطرسة تفوح منها رائحة النرجسية المقيتة، والعناية البالغة بمصالحها ومكاسبها، بعيداً عن هموم الشعب والوطن، حتى أصبح ردّ السلام عبئاً ثقيلاً عليها!
انه المروق والخروج الصريح على القيم الوطنية والانسانية والاخلاقية كلها. وقد قيل في أحدهم :
ما كَفَّ عن قوت الجياع ولا توّرع عن حرام ِ
وتبلدتْ منه المشاعر فهو للسرقاتِ ظامي
العنجهيةُ صيّرتْه مُراوِغاً فَظَّ الكلامِ
يُضنِهِ من بَطَرٍ وسوءِ طويةٍ ردُّ السلامِ
والى مثل هذه السفوح، تدحرج المتلاعبون بقوت الشعب وثروات الوطن .
لاغبار على أية ثروة – مهما بلغ مقدارها وحجمها – اذا كان اكتسابها بالوسائل المشروعة الطاهرة .
أما الثروات التي تأتي عبر الاختلاسات المنكرة، وعمليات النهب المنظم للمال العام، فانها الارهاب المالي، الذي يساوق صور الارهاب الاخرى، من تفخيخ وتفجير وإصرار على ازهاق الأرواح البريئة وإسالة الدماء الزكية وتدمير وتخريب لمظاهر المدنية والحضارة بأسرها.
ان التقرير الرهيب الذي اصدرته شركة (ويليث – أكس ) يأتي في وقت تتزايد فيه المطالبة بانهاء عهد اللصوصية ومحاسبة المفسدين جميعاً بلا استثناء، واسترجاع ما نُهب من الثروات الوطنية الى خزينة الدولة العراقية، دون الاقتصار على الأسماك الصغيرة واعفاء الحيتان الكبرى .
ان التهاون في محاسبة المفسدين يجعل (العراق) بلداً يقاس (بالصومال) في التخلف عن ركب الحضارة والتقدم، ويجعل أبناءه مرتهنين بمعادلات ما أنزل الله بها من سلطان، تتيح للسلطويين ان تتهدل كروشهم، وتتضخم أموالهم، على حساب الجياع والمستضعفين، وذلك ما يعني الموت المبطن الذي لا يقبل به أحد!!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق