بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 سبتمبر 2013

أنا عراقي.. أنا أقرأ - حسن جوان



تأخذ المحبة أشكالا متعددة, ويتجسد الوفاء بصفات كثيرة, مرة على شكل عطاء وأخرى على شكل اهتمام أو حماية أو حتى فداء. ثلة من الشباب أرادوا أن يعبروا عن حبهم لبلدهم, ووفائهم للمعرفة, لاسيما المقروءة منها, فأسسوا قبل عام من الآن, وبشكل طوعي ومستقل, شكلا ثقافياً للحراك من أجل تشجيع الناس بمختلف طبقاتهم ومستوياتهم التعليمية على حب القراءة والعودة إلى الكتاب, في فعالية تعد واحدة من  أكثر أشكال التعبير عن المحبة والوفاء إخلاصاً في المشهد الثقافي العراقي, ألا وهي تظاهرة ( أنا عراقي.. أنا أقرأ ). ففي خضم واقع ممزق, وظروف يمر بها العراق تعد من أشد الظروف فتكا ودمارا ودما, يفكر هؤلاء الشباب بفعل شيء، بل بإطلاق صرخة حياة بوجه كل هذا الخراب والعنف والإرهاب, الذي لم يأت على حياة الأبرياء فحسب, بل تعدى ذلك إلى الزحف بمخالبه الدامية نحو محاولة تخريب الحياة المدنية والثقافية في بلدنا ومجتمعنا.
 بدأت قصة مشروع (أنا عراقي..أنا أقرأ) عندما قرر هؤلاء الشباب من قبل, وفي غضون بحثهم ونشاطاتهم المتنوعة في حماية الهوية الثقافية العراقية وإحياء ما امتازت به من خصوصية, قرروا البدء بتنفيذ حملة توعوية في الناس لحملهم على العودة إلى خصيصة عراقية بامتياز وهي خصيصة القراءة. فالكتاب يطبع في لبنان.. ويقرأ في العراق كما جرى المثل في السابق. فانطلقوا للإعداد لهذه الفكرة والإعلان عنها وجمعوا تبرعات، هي كتب متنوعة في مختلف حقول المعرفة, وأهابوا بكل من يمتلك كتاباً قرأه ويحب أن يهبه لشخص آخر ليشاطره المعرفة أن يتبرع به في الحملة. فجمعوا مئات الكتب والمصادر, بل حصلوا على مكتبات كاملة تبرعت فيها بعض الأسر. وهكذا استوى جسد الفكرة حياً بعد أن كان حلما. فاختاروا يوم الكتاب العالمي موعداً لمهرجانهم, وحدائق شارع أبو نواس مكاناً له. فكان ذلك اليوم عرساً للقراءة, واحتفاءً مؤاتياً ليوم الكتاب العالمي. وعن ذلك اليوم, يقول بهاء كامل وهو أحد شباب تلك الحملة: " لقد فوجئنا, وبفرح كبير بالإعداد الهائلة من الناس التي حضرت في ذلك اليوم, وعلى الرغم من أن الغالبية كانوا من الشباب والطلبة, إلا انني سررت وأنا أرى مهنيين وحرفيين وأناسا بسطاء ينضمون إلينا, كما انضم موسيقيون وشعراء ورسامون وغيرهم, وكل ذلك حدث بشكل تلقائي وطوعي لا يعبر إلا عن رغبة الناس وتعطشهم للحياة والمعرفة والجمال في هذا الظرف القاهر والمحمل بالنقيض لتلك المعاني." وعن استعداداتهم لهذه السنة لاسيما ان يوم الكتاب العالمي سيوافق يوم السبت المقبل 28 أيلول الجاري, قال بهاء:" نحن جاهزون الآن, بعد ان أتممنا أغلب التحضيرات المهمة, وما تبقى من تفاصيل أخرى نعمل عليها الآن بكثافة لنبدأ احتفالاتنا في الموعد ذاته وفي المكان ذاته في شارع أبو نواس قريبا من تمثال شهريار".
يذكر أن هذه المبادرة الثقافية, وبسبب من نجاحها في بغداد, انتشرت في معظم محافظات العراق ومدنه, لتقام نشاطات مماثلة بالتنسيق والتعاون مع القائمين عليها في بغداد. ويشار إلى أن الشباب القائمين على هذا المشروع هم: بهاء كامل, بسام السينمائي, عامر مؤيد, حامد السيد, صابرين كاظم, حسام الربيعي, عمر حازم, تكبير الجبوري, غضنفر لعيبي, وآخرون. ويعمل معظمهم في الإعلام الثقافي والصحافة العراقية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق