بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

الربيع العربي: فاضِحُ الشَّعارات و كابوس أحلام اليقظة - خالد عايد الجنفاوي

 أشعر هذه الفترة بنوع من السعادة المأسوية بعد أن فضح الربيع العربي كثيراً من الشعارات الرنانة التي أعتقد انها أثقلت منذ زمن طويل كاهل الذهن العربي الجمعي- إذا أردتم. وبالطبع, شعوري بالسعادة تلك حول فضح الربيع العربي للشعارات التقليدية عن الوحدة الوطنية, والمواطنة الصالحة, والواجب الوطني في بعض المجتمعات, وهي تختلط بنوع من الحسرة وخيبة الأمل بسبب عدم تحقق كثير من "المبادئ الوطنية" على أرض الواقع. وفي الوقت نفسه, فضح الربيع العربي أحلام اليقظة التي استمرت تؤرق العقل العربي التقليدي, وبخاصة تلك العقول النيرة وبقيت لعقود وسنوات تصدق بعض الشعارات الرنانة.
 على سبيل المثال, شعار "تكافؤ الفرص" والذي أتخم ترديده الممل مسامع الملايين من العرب منذ الخمسينات من القرن الماضي وحتى الآن لم يتحقق بشكل عادل. فتكافؤ الفرص كشعار متضخم لم يلامس أرض الواقع الاجتماعي العربي بشكل مناسب. فلا تزال تسيطر المحاصصة الفئوية والطبقية والحزبية على مقدرات الشعوب, وتستمر تخيب أمل الأمة. فعندما يظن أحد الحالمين أن مجتمعه يُقدِّر فعلاً جهوده الشخصية وإخلاصه وتفانيه في أداء مهماته الاجتماعية والثقافية, وفجأة يكتشف عدم صدق تلك الافتراضات الشخصية, فهو لن يصدق بعد ذلك أي نوع من الشعارات الرنانة حتى يغادر هذه الدنيا الفانية.
إضافة إلى ذلك, فضح الربيع العربي هشاشة الوحدة الوطنية في بعض المجتمعات العربية: اذ أصبح عنوان الوحدة الوطنية بعد الربيع العربي هو التالي: "اتركني لشأني وسأتركك لشأنك" وباللهجة الخليجية: "فِكْني من شَرِّك وَأفَكِّكْ مِن شَرِّي"!  فالشعارات الوحدوية أصبحت تشابه أحلام يقظة توحدية ترتكز على واقع مفبرك.
ولعل ما يُحسب للربيع العربي هو تعريته للرفض الأساسي في الثقافة العربية لمبادئ "الاختلاف". فما يميز سياسة الربيع العربي هو إقصاء الشريك الآخر في المعادلة الوطنية, ومحاولة إلغاء كيانه الإنساني, إما عن طريق الترهيب والتخويف, أو التخوين, أو الاعتقالات. بل أدى الربيع العربي إلى تعطيل المواطنة الحقة والصالحة. فلسان حال من يعاني المر من ويلات الربيع العربي هو التالي: كيف يمكن لي أن أصبح مواطناً صالحاً في وطن وفي مجتمع  يرفضني بسبب عرقي, أو ديني, أو مذهبي, أو أصل أبي, أو بسبب نشأتي الثقافية المحلية الخاصة? فما هو نوع المواطنة الحقة والتي يطالب البعض بتحقيقها على أرض الواقع ما دامت لم تتحقق المساواة في المواطنة? والله المستعان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق