بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2013

العراق ولعبة الأمم - حسن سلمان



خرج العالم المنتصر في نهاية الحرب العالمية الثانية وتقاسم الغنائم وكان الشرق الأوسط وبلاد العرب ضمن تقاسم الكعكة الغنيَة.. والعرب قبلوا بواقع التقسيم وكان العراق ضمن عباءة النفوذ البريطاني حتى حان وقت "خيمة صفوان" فنزع النظام الصدامي المبائد كل ثيابه وكرامته وقراره وخرج عارياً تحت مظلة الفصل السابع الأميركية.. واليوم وفي ظل تشكل نظام عالمي جديد يولد وفي بدايات تشكل قواعده يبدو أن العراق في قلب العاصفة، وأميركا التي حكمت العالم بالأحادية والهيمنة وخاصة في الربع الأخير من القرن الماضي لم تعد لوحدها اليوم في المسرح العالمي!، فكل المؤشرات والوقائع تشير الى تراجع الدور الأميركي والأوروبي في العالم وبروز نفوذ الدور الروسي ومن خلفه الداعم الصيني, وهما يتحصنان بدول  "البريكس" كغطاء دولي جديد, كما لا يمكن ابداً أن يتجاهل أحد الدور والنفوذ والقوة التي تمثلها الجمهورية الأسلامية في إيران وتأثيرها الكبير على سير الأحداث في الشرق الأوسط والعالم، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف ستتأثر البلاد العربية والعالم الإسلامي بميلاد النظام العالمي الجديد, والذي أصبحت ملامح تشكله تلوح في الأفق استنادا الى ما يجري من صراع وحرب ونزاع في سوريا والعراق ومصر وليبيا وباقي بلاد العرب!؟، فمن الواضح تماماً ان ما يدور في داخل تلك البلدان ليس بمسألة محلية, وإنما صراع خارجي بأبعاد وأدوات وتخطيط عربي وإقليمي ودولي بأشكال متنوعة وطرق متعددة منها الاقتصادي والديني والمذهبي بل قد يصل الى الإنفجار العسكري الكبير!.
 إن الفوضى التي تعيشها المنطقة اليوم يمكن أن ينظر اليها باعتبارها نتيجة لتشكل "جيوسياسي" جديد كما يقول "برجنسكي" أو أن المعادلة الجديدة للمنطقة تهدف للتقسيم والتفتيت لتكون الفوضى والاقتتال هي الوسيلة, وهي جزء من عملية التغيير والتشكل تحت مسميات متنوعة وعناوين كاذبة تارةً للدفاع عن حقوق الإنسان, وأخرى سعياً نحو الديمقراطية, أو الربيع العربي. كل ذلك يحدث بمال عربي (حرام) وإعلام مضلِل وقرارات دولية ظالمة ليس فيها سوى مصالح للكبار وخالية من كل قيم وأخلاق. 
إن أميركا وهي بهذا الحال لا يمكنها أن تنسحب من المنطقة العربية إلّا بأحد خيارين، أما الإقرار بفشلها وهزيمتها, لتذهب الى تسوية شاملة لملفات مستعصية، وهنا لا بد من التفاهم مع إيران وروسيا ومجموعة "البريكس" بشكل عام, أو أن تبقى سائرة على نهجها وسياستها فيكون مصيرها تدمير قوتها وهيمنتها مع حليفها الإسرائيلي, ووكيلها العربي, وربما سيكون لها إنكسار عسكري مدو يجهز على دورها ونفوذها السياسي والإقتصادي, وهذا سينعكس حتماً على حلفائها في دول الخليج... وفي الحالتين، في التسوية أوالحرب، فإن دول الخليج ونظامها العائلي الى زوال، لانتهاء الدور المرسوم لها بانتهاء الأزمات, وانكسار المشروع الذي أدخلوا المنطقة فيه, فالمصير الحتمي للمشروع الوهابي متجه نحو الدمار لاعتبارات إضافية أهمها رفع الغطاء السني المعتدل عن الحركة الوهابية وخاصة الغطاء الأزهري، كما ان تلك الأنظمة سقطت شعبياً بعد أن شكلت حماية للمشروع الصهيوني المهزوم منذ العام 2000 ودعماً لحركات الإرهاب والتكفير.
ان العراق وبحكم الموقع والمنطق والدين يجب أن يختار موقعه ضمن المسار الصحيح لحركة الأحداث، فلا مكان للحياد في خيارات المصير وإلّا سنكون فرق عملة في قسمة الكبار، كما لا يصح أن نكون ملحقا بالمشروع المهزوم. إننا نرى مصالح العراق وضمانات مستقبله مرتبطة ومنطلقة من مصالح المنطقة وشعوبها التي ترفض أن يفرض عليها الحل الخارجي أو أن تكون جزءاً من لعبة الكبار، أو أن تعطى جائزة ترضية لهذا الطرف أو ذاك. سوف لا يكون العراق ظالماً أو خائناً لقضايا أمته ولا يكون مع قروش البحار أو ثعالب وأرانب الصحراء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق