بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 25 سبتمبر 2013

الامم المتحدة حقائق وأوهام - نبيل عمرو

قبل عام من الان، كانت الجمعية العامة للامم المتحدة، محط انظار الفلسطينيين.. لأنها بصدد التصويت على مشروع قرار تعتمد فيه فلسطين عضوا مراقبا في المنظمة الدولية.
كان العطش الفلسطيني المزمن، لأي انجاز قد صور للفلسطينيين بان التصويت الكاسح لصالحهم، سيكون بمثابة باب واسع الامل بحل عملي لقضيتهم، بعد ان افضت سنوات اوسلو الى الفشل، وبعد انهيار المشروع التاريخي للمصالحة بين الفلسطينيين والاسرائيليين.كان الاعلام الساذج والاحتفالي، قد غذى هذا الشعور عند الفلسطينيين، الذين لا يلامون على ابتهاجهم، وحتى المبالغة في تعليق الامال على ذلك الحدث، وسمعنا قادة يتحدثون عن التحول التاريخي ، وسمعنا موظفين كبار في السلطة يتحدثون عن تغيير جواز السفر وتغيير اسم السلطة أي استبداله بالدولة، وفي ذلك الوقت المزدهر بالخيالات والتخيلات، كان فدائي حقيقي وشجاع من يعترض على هذه المغالاة في الاحتفاء وتعليق الامال، ومن يقترح على القادة والنشطاء بان يقللوا من الترويج للانجاز التاريخي وما سيبنى عليه من انجازات فرعية من نوع التقدم الحثيث نحو الدولة.لم نكن بحاجة للانتظار اكثر من شهر ، او بضعة اسابيع حتى نكتشف الخيط الفاصل بين الحقيقة والوهم ، بين الواقعية بكل معطياتها الملموسة، والخيال الذي لا حدود له ، حين تخدمه الكلمات بأفضل عبارات البلاغة المنتقاة .بعد اقل من شهر ، عدنا نلامس الحقائق الفعلية على الارض، ونتعاطى معها بمنطق الممكن والمتاح ، وليس بمنطق التخيل والتمني، فوجدنا اسرائيل تواصل احتلالها واستيطانها وعقوباتها الجماعية ضد الناس، وضد كل الفلسطينيين من القاعدة الى القمة، وتلقينا تحذيرات بان تغيير حرف واحد على جواز السفر سيجعله مجرد اوراق لا تصلح لشيء، لأن لا قيمة لجواز السفر الا اذا اعتمدته اسرائيل ووافقت على عبور صاحبه الى أي مكان، وعدنا لسماع نغمة العودة الى المفاوضات دون شروط مسبقة، وحتى دون اغراءات مجزية رغم تقديرنا لأهمية الافراج عن عدد متواضع من اسرانا الذين كان ينبغي ان يفرج عنهم قبل عشرين سنة أي عشية التوقيع على بدايات مشروع المصالحة التاريخي بين الفلسطينيين والاسرائيليين.وبلمح البصر صارت احتفالات انجاز الامم المتحدة من ذكريات الماضي السحيق، وصار الواقع على الارض، هو الاكثر الحاحا في حياتنا بأدق امورها.لقد احببت الحديث عما دار قبل سنة، وما يدور الان، ولعل ما يظهر الصورة على حقيقتها هو ذلك الاختفاء الكامل لاي اهتمام شعبي بالدورة الحالية للامم المتحدة، ولو اجريت استطلاعا محايدا – أي يختلف عن الاستطلاعات الموجهة ومدفوعة الاجر التي تزدحم بها ساحتنا- لكانت النتيجة صفر بالمئة لمن يتابع اخبار الامم المتحدة ودون الصفر لمن يتوقع منها أي انجاز، ولقد قصدت من هذه المقارنة، بين العام الماضي وهذا العام، ان اجتهد في اظهار الحد الفاصل بين الحقائق والاوهام، ومن جهة اخرى ادعو وبالحاح وبحكم الضرورة القصوى الى ان تقال الحقيقة للناس كما هي فلا لزوم لاحتفال صاخب ومتعجل اليوم، ليتحول بعد ايام الى مأتم كبير، ولا لزوم لاطفاء ظمأ الفلسطينيين للانجاز بالمبالغة في تقديم حدث ما على انه الانجاز الاهم..ذلك ان الفلسطيني الذي يحتفي اليوم بامر ما، سيأتيه يوم ويكتشف فيه المبالغة والمغالاة، فيصاب بالاحباط، ولعل هذا هو كلمة السر في قلة الاهتمام بما سيجري في الامم المتحدة هذا العام.-2-عادت من جديد نغمة الانسحاب من المفاوضات وتشكلت اطارات وفعاليات وعقدت ندوات ومؤتمرات تظهر فداحة الخطأ باستئناف المفاوضات وتدعو للعدول عن هذا الخطأ لمصلحة صواب المقاطعة.المفارقة ان الذين يطالبون بالانسحاب من المفاوضات هم انفسهم من اتخذ قرار العودة للمفاوضات باسمهم دون اعتراض من جانبهم وبالتالي فان المطالبة بالمقاطعة من قبل من قرروا ام تقرر باسمهم العودة الى المفاوضات ، تبدو عديمة المصداقية او انها في افضل الاحوال مجرد تسجيل موقف من نوع لعل وعسى.سؤال اخير..لنفترض ان الرئيس عباس اتخذ قرارا بالانسحاب من المفاوضات ، استجابة لطلب زملائه اعضاء القيادة .. فهل لهؤلاء جميعا ان يفيدونا بالبديل، خصوصا بعد ان قاطعنا المفاوضات لثلاث او اربع سنوات ، ولم يكن بيد هذه القيادة من مشروع سوى القول لن نعود الى المفاوضات الا بعد وقف فالاستيطان!اذا قدموا لنا بديلا مقنعا وممكن التحقق فسيجدون جموع الشعب مؤيدة لمواقفهم اما اذا عادت حليمة لثوابتها القديمة ففي الامر تفسير اخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق