بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

إلى أين ستتجه مصر؟-نيويورك تايمز


                         
بعد مرور سنتين على خروج ألوف المصريين المحتجين مخاطرين بحياتهم لإسقاط الدكتاتور حسني مبارك تمضي الحكومة التي يسيطر عليها العسكر في القاهرة اليوم في توسيع نظامها القمعي الذي قد يسفر في نهاية الأمر عن وضع أسوأ من ذلك الذي أنشأه مبارك وكان يشرف على إدارته.
قبل عشرة أيام أو نحو ذلك، وبينما كانت أنظار العالم مشدودة إلى سوريا، مدّد القادة العسكريون والمسؤولون المدنيون في مصر حالة الطوارئ في عموم أنحاء البلد لمدة شهرين آخرين، فمنذ الإطاحة بمحمد مرسي، الذي كان أول رئيس مصري يصل إلى السلطة عبر انتخابات حرّة، قبل ما يقرب من شهرين وفي محاولة منها لسحق أنصار حركة الاخوان المسلمين، تنطلق قوات الأمن في حملة واسعة لاعتقال منشقين آخرين أيضاً، وفي هذا تهديد تقشعر له الأبدان بأن لا أمان لمصري يجرؤ على الوقوف بوجه السلطات.
لم تكن هذه هي صورة البلد الذي تخيّله وتمناه المصريون حين قاموا بثورتهم في 2011. في ذلك اليوم كانوا قد خرجوا للمطالبة بالديمقراطية والحرية والوظائف والتعليم، أما القمع والتحامل فلن يكفلا إلا البلبلة وعدم الاستقرار وسيجعلان من المحال على مصر أن تبعث الحياة في اقتصادها أو الاضطلاع بدور بنّاء في المنطقة. على مدى عقود من الزمن بقي قانون الطوارئ الذي ارتبط بحقبة الخمسينيات، وهو قانون يجرّد الأفراد من حقهم في المحاكمة ويلغي القيود المفروضة على انتهاكات قوات الأمن، من أبغض الرموز المرتبطة بتجاوزات مبارك. ورغم أن القانون بقي حبراً على ورق فإن حالة الطوارئ لم يتم تعليقها إلا بعد الإطاحة بمبارك، ولكن ها هي القيادة العسكرية قد أعادت إليها الحياة في الشهر الماضي ثم مدّدت العمل بها إلى شهر تشرين الثاني متذرعة بالمشاكل الأمنية التي ما تفاقمت إلا بعد عزل مرسي.
الأمر الآخر الذي لا يقل إثارة للقلق هو انتقال الحكومة من استهداف الاخوان المسلمين تحديداً والحركات الإسلامية الأخرى إلى ملاحقة الليبراليين والناشطين والصحافيين من أصحاب الميول اليسارية، ففي 11 أيلول الماضي أعلنت جماعة 6 أبريل، التي فازت بالثناء على نطاق عالمي لدورها في الحركة التي أدت إلى إسقاط مبارك، أن قوات الأمن داهمت أحد مكاتبها بدون إذن رسمي واحتجزت عدداً من ناشطيها لمدّة ساعات. 
في ذلك اليوم نفسه أقامت الحكومة دعاوى في المحكمة العسكرية على أحمد أبو دراع، وهو صحفي يغطي الأحداث في مناطق شمال سيناء، حيث يواجه الجيش المصري أعمال عنف متصاعدة يقوم بها المتشدّدون الإسلاميون ويمنع التغطية الاخبارية هناك، في حين يبث أبو دراع تقارير تناقض ادعاءات الجيش بشأن عمليات سيناء.
من الواضح الآن أن العسكريين لن يضعوا نهاية لإجراءاتهم التعسفية وهم ماضون في مسعاهم للجم وسائل الإعلام والتلاعب بالمحاكم وإساءة استخدام الأجهزة الأمنية والتضييق على جماعات المجتمع المدني. 
ويتوقع كثيرون أنهم إذا ما أفلحوا في تجريد الاخوان من القدرة على التحرّك فإنهم سيتمادون في الأمر إلى أبعد مما وصل إليه مبارك. أما عملية مراجعة الدستور التي وضعتها الحكومة فإنها لا تقل اختلالاً عن تلك التي كان يطبقها مرسي، لذا فإن من شبه المؤكد أن يجدها كثير من المصريين مخالفة للشرعية. 
كل هذا يضاف إلى حملة القمع الشرسة التي شنت على متظاهرين سلميين بعد وقوع الانقلاب وأسفرت عن إزهاق أرواح أكثر من ألف شخص. أما إدارة أوباما فإن كل الذي فعلته إزاء ذلك هو أنها علّقت مساعداتها للحكومة المصرية بصمت كما ألغت التمارين العسكرية مع جيشها. إلا أن هذه الادارة سيتحتم عليها قريباً أن تقرّر ما إذا كانت ستسمح بتحويل مساعدات أخرى إلى الجيش المصري، ونظراً لإصرار الحكومة المصرية على قمع شعبها ومواصلة السير على طريق التدمير الذاتي فانه ينبغي حجب تلك الأموال عنها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق