بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 27 سبتمبر 2013

عندما يهرب المرزوقي من التاريخ عبر الجغرافيا...-مراد علالة

بعد صدور كتابه الأخير في بلاد الفرنجة وما رافق ذلك من تعليقات حائرة وساخرة حول اهتمامات وميولات رئيس الجمهورية المؤقت، ليس فقط بحكم اختياره لدار نشر أجنبية وانما أيضا لتفرغه للفكر والكتابة وما أدراك ما الكتابة في الوقت الذي كان مطلوبا منه بحكم وضيفته، التفرغ أكثر لمشاغل وهموم التونسيين الذين تزداد أوضاعهم صعوبة من يوم إلى آخر منذ تولي الترويكا حكم البلاد، هاهو محمد المنصف المرزوقي يعود إلينا من جديد «محاضرا» في التاريخ مخترقا للجغرافيا عابرا للقارات الخمس مستقرا في نيويوك في ضيافة مؤسسة غوغل ايديز للحديث عن المسار الدستوري في تونس!..ليس ذلك فحسب فقد تحدث أمس والتقط صورة للذكرى مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي وعده والعهدة على الراوي بدعم تونس .

وكما هو معلوم فقد بارح رئيس الجمهورية المؤقت بلادنا صباح الأحد الماضي متوجها الى الولايات المتحدة الامريكية للمشاركة في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة الذي ينطلق اليوم الثلاثاء الى غاية 28 سبتمبر الجاري وتهيمن عليه الازمة السورية بطيبعة الحال الى جانب القضايا الروتينية التي اعتاد زعماء العالم الكلام حولها في كل عام دون جدوى.
وكما هو معلوم ايضا فقد سافر رئيس الجمهورية المؤقت خلال الأسبوع المنقضي الى مالي لحضور مراسم تنصيب الرئيس الجديد لهذا البلد الافريقي الشقيق بعد ان تخلف في شهر ماي الماضي عن حدث لا يقل أهمية في القارة السمراء والعالم هو مرور نصف قرن على تأسيس الافارقة لمنظمتهم الاقليمية أسوة ببقية المجموعات الاقليمية في الكون واحتفالنا في أثيوبيا بالذات بميلاد منظمة الوحدة الافريقية التي أصبحت اتحادا افريقيا سنة 2002 على يد أحد كبار افريقيا وهو الزعيم الراحل معمر القذافي.
وإذا كنّا نتفهم حرص الرئيس المؤقت على الظهور في الصورة في مالي تأييدا للانتخابات الحرة والشفافة والنزيهة في بلد نتجرع معه ويلات الارهاب وكذلك في نيويورك وسط قادة العالم الذين يتابعون باهتمام ما يحدث في بلادنا فإنّ التساؤل يظل مشروعا حول تكلفة مثل هذه الزيارات وخراجها بالخصوص كما يقال في ظرف يتفق فيه الجميع على ضرورة التقشف والضغط على المصاريف وهنا بالذات لا نخال أن الرئيس الأمريكي قدم ما لا نعرفه نحن للمرزوقي.
هذا من جهة، ومن جهة اخرى الا يعد سفر الدكتور محمد المنصف المرزوقي في هذا الظرف بالذات هروبا من المسؤولية امام فشل جميع المحاولات لاطلاق الحوارالوطني الذي من شأنه ان ينهي الأزمة التي تتخبط فيها تونس مقابل التدخل في الأزمة السورية من نيويورك والعودة للحديث عن منح الرئيس بشار الأسد حق اللجوء في بلادنا التي تعاني من مشاكل أمنية كبرى؟ كيف يترك رئيس الجمهورية حتى وان كان مؤقتا وفاقدا للصلاحيات غرفة عملياته وهو ايضا مؤسس احد الاحزاب الحاكمة بعد ساعات فقط من اعلان اكبر المنظمات في تونس عن فشل الوفاق وتلويحها بالتصعيد واللجوء للشارع مثلها مثل المعارضة ومثل الترويكا والحزب المهيمن فيها وهو حركة النهضة الذي قرر الهروب الى الامام ؟
اننا لا نريد ان نسلم بان محمد المنصف المرزوقي قد سلم جميع اوراقه الى حليفه الشيخ راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة فهذا الاخير ليس في وضع يحسد عليه ونخشى ان تصل هذه الاوراق الى شباب الحركة.
ولا نعتقد في المقابل انه سلمها الى رئيس المجلس الوطني التأسيسي مؤسس حزب التكتل الذي يحتفظ بدوره بحقه المطلق في ولوج قصر قرطاج في يوم من الايام مادامت كل الطرق تؤدي اليه..

ختاما، قد تكون ثمة بعض المبررات والاعذار للرئيس المؤقت في ما أتاه من خلال كلامه هو نفسه امام الممثل رؤوف بن يغلان الذي حاوره نهاية الاسبوع المنقضي على بعض التلفزات قبل أن يطير إلى نيويورك واقنعه فيما يبدو ونفى امامه وجود ازمة في البلاد الامر الذي يخول له نظريا السفر والترحال ويخول لنا واقعيا التندر بالقول «شكون مثّل على شكون؟!»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق