بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 27 سبتمبر 2013

شعب سياسي -رومان حداد

رومان حدادالسياسة هي فن تحقيق الممكن في إطار الإمكانات المتاحة وفي إطار الواقع الموضوعي، ويعرفها البعض بأنها علم الدولة أي ذلك العلم الذي يدرس الدولة بمفهومها وتنظيمها ومؤسساتها وتشكيلاتها وممارستها وسياساتها،
فيما يعرفا آخرون بأنها علم السلطة أي ذلك الذي يدرس السلطة باعتبارها مفهوماً شاملاً يمتد إلى جميع المجتمعات البشرية، فالسلطة وضع اجتماعي وهي علاقة بآخر.
في الأردن لا تستطيع أن تفلت من السياسة، فحيث وليت وجهك تجد حديثاً سياسياً يحتد فيه أطراف النقاش السياسي (أو الهوشة السياسية)، وصار الأردنيون يفخرون بقولهم نحن شعب سياسي.
حين أسمع عبارة شعب سياسي يتبادر إلى ذهني وكأن الشعوب مقسمة إلى شعب رياضي وشعب علمي وشعب أدبي وشعب تجاري وشعب صناعي وشعب إلكتروني وغيرها من تصنيف الشعوب، وفي ظل هذا التصننيف الدقيق والمعتمد ظهر أن الشعب الأردني شعب سياسي.
حين أنظر في تفاصيل الحياة اليومية للشعب الأردني أرى أن معدل قراءة الأردني في قضايا السياسة والأدب والفكر لا يتجاوز ست دقائق في العام، وأن نصف طلبة التوجيهي لا يحقق متطلبات النجاح، وأن نسبة قراءة الصحف والمواقع الإخبارية هي الأقل على مستوى الوطن العربي، ونسبة عدد عناوين الكتب الجديدة إلى عدد السكان هي الأقل عربياً.
وحين أحاول أن أحصل على صورة أوضح للسيرة اليومية لهذا الشعب السياسي أرى عدداً كبيراً من حالات العنف الجامعي مع ما يستتبعها من تعطيل للدراسة، وارتفاع أعداد الجرائم المختلفة، وزيادة حالات العنف الأسري، وارتفاع نسب الطلاق، وغيرها الكثير من المؤشرات المقلقة.
في اللغة العربية ثمة فارق شاسع بين من يحب شيئاً ومن يمارسه، فأنا أحب كرة القدم ولكن لا أستطيع ممارستها، وبالتالي لا يمكن أن أصنف نفسي أني شخص رياضي لمجرد أني أجلس أمام شاشة التلفاز وأشاهد اللاعبين يركضون في الملعب، ولا يمكنني القول أني، رغم ما اكتسبته من معرفة عبر التحليلات الرياضية لكل مباراة، قادر على الحلول مكان أي مدرب، رغم أني قد أملك عدة انتقادات على اختياراته وخطته.

لا أحب أن أصدم الشعب الأردني ولكنه ليس شعباً سياسياً، فهو حتى اللحظة لم ينتج حزباً وطنياً قوياً طوال عمر الدولة الأردنية الذي تجاوز التسعة عقود، ولم يقدم مفكراً سياسياً عابراً للحدود، ولم تظهر نظرية سياسية من مواطن أردني من صفوف الشعب السياسي قابلة للتطبيق، ببساطة نحن شعب يحب الكلام في السياسة، لأن قلة الشغل بتعلم الكلام بالسياسة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق