بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 26 سبتمبر 2013

ملامح سورية جديدة -سليم عبود - دمشق

لم يعتقد الأمريكيون، وقادة أنقرة، و الأنظمة الخليجية، والكيان الصهيوني أن سورية «الدولة» بالمفهوم السياسي والاجتماعي، والثقافي، والاقتصادي، والعسكري ستصمد في وجه سطوة الحرب التي تشن عليها.
راهنوا على شهر، ثم شهرين، وتنهار الدولة السورية، بكل مكوناتها:‏

« الجيش، والشعب، والثقافة، والروح القومية المقاومة »، وسقطت رهاناتهم ، وحساباتهم، ومشاريعهم الخبيثة.‏

سورية فاجأتهم بصمودها، وتماسكها الشعبي، وقدرات جيشها وبسالته، وكيف أن استمرت الحياة فيها ظلت تتحرك داخلياً، وفاجأتهم بأن وضعا إقليمياً،ودوليا، بدأ يتشكل، ليرسم عالماً جديدا ، راحت تنهار فيه دعائم سياسات القطب الواحد، الأوحد.‏

على الصعيد الداخلي:‏

احتراق سنابل القمح أو سرقته ، وتدمير المعامل وسرقتها ، وتدميرخطوط الكهرباء، والنفط، لم يجعل السوريين ينحنون، أو ينهزمون ،‏

ماحدث أن كل تلك الأعمال الإجرامية بحق الوطن وحقهم ، أيقظت وعيهم وجعلتهم يقرؤون خطورة مايجري على وطنهم، ووحدته ،وكرامتهم، وحريتهم، وإيمانهم القومي، وبعروبتهم، فباتوا أكثر التفافاً حول الوطن، وأكثر صلابة في الدفاع عنه، وأكثر تمسكاً بدور القوات المسلحة التي نجحت بسرعة في تحقيق أمرين:‏

الأول: سرعة تلاؤمها مع هذا النمط الجديد من الحروب .‏

والثاني: النجاح في كسب ثقة الشعب السوري، وإيمانه بأنها القادرة على حمايته، وحماية مكتسباته الوطنية والثقافية والحضارية.‏

وعلى الصعيد الإقليمي:‏

أكدت سورية أنها ليست لقمة سائغة لمجموعة مشاريع تستهدفها:‏

مشروع عثماني ومشروع وهابي سعودي،ومشروع إخواني - قطري ومشروع أمريكي غربي ومشروع صهيوني تتلاقى عنده كل المشاريع التي أشرنا إليها..‏

هذه المشاريع سقطت، وتنامى لدى السوريين إيمان أقوى بوحدة الأرض السورية والشعب السوري ،و بتمييز العدو من الصديق، وبالتمييز بين خطاب الخيانة الذي يعتمده المطالبون بتدمير سورية، وخطاب الصدق الوطني، وتعززت لديهم قناعة بأن المقاومة هي أسلوب نضالي نحو أفق مضيء للكرامة الوطنية والقومية، وأن ضريبة المقاومة أقل بكثير من ضريبة الاستسلام ومن الملامح الإيجابية التي رسمتها الحرب على سورية، أنها أيقظت الحرب المد القومي العروبي الغافي الذي أرعب في الماضي الغرب، ودول النفط وإسرائيل.‏

حقيقة..‏

العرب اليوم أمام ولادة جديدة، وبملامح جديدة ، لمد قومي عروبي يظهر بقوة في كل الشوارع العربية» اليمن، تونس، الجزائر، موريتانيا، العراق، مصر ، والسودان، والأردن .. وهذا الوضع الجديد، بدأ يرسم مستقبلاً جديداً للعمل العربي، وخارطة جديدة للسياسة العربية، والإقليمية ، يعكس تأثيراته الإيجابية على الصراع العربي الإسرائيلي، وعلى دور سورية الريادي القادم.‏

وعلى الصعيد الدولي:‏

المفاجأة التي صدمت أطراف العدوان على سورية، هذا الانتصار الكبير على الساحة الدولية للدولة السورية،الأمريكيون الذين اعتادوا من عقود على رسم خرائط جديدة للعالم، دون أن يقف أحد في وجههم ، تفاجؤوا في مجلس الأمن، وفي المحافل الدولية، وفي الحراك السياسي على ساحة العمل الدبلوماسي بالموقفين الروسي والصيني، وبمواقف دول البريكس، ودول «إلإلبا» .‏

الحدث السوري ، ومن دمشق ، تحديداً، بدأت ترسم ملامح خارطة دولية جديدة، تلغي ، وبشكل نهائي سطوة القطب الواحد الذي تمثله الولايات المتحدة، وبرزت روسيا في مواجهة هذا القطب قوة كبيرة عسكرية، وسياسية، واقتصادية، و شكلت دمشق الرحم الذي يحقق ولادة عالم جديد، وهذه الولادة حققتها سورية، بصمود جيشها،وشعبها، وصمود قيادتها..‏

وكل تلك العناصر شكلت أرضية جديدة، صلبة، راحت تبني عليها روسيا، واطراف أخرى دولية، ومن بينها إيران الصديقة،والحليفة مشروعها الجديد في مواجهة الصلف الغربي، والغطرسة الأمريكية ، وفي مواجهة حماقة، وعدوانية الأطراف الإقليمية التي بدت كثيرة الوقاحة، شديدة العداء لسورية، في ظل اعتقاد الأطراف أن سورية دولة هشة، ضعيفة، من غير أصدقاء.‏

خطاب روسيا اليوم بلسان الرئيس بوتين تخطى كل توقعات أمريكا، والغرب، والصهاينة العرب، والأتراك، عندما اعتبر الكيماوي السوري، كان رداً على التهديد النووي الإسرائيلي.‏

هذا الخطاب جاء مفاجئاً، وصادماً.‏

ومن مفردات هذا الخطاب الروسي التزام روسيا بمساعدة سورية اقتصادياً،وسياسياً وعسكرياً..‏

هذا الخطاب تحول إلى موقف صلب مدعوم صينياً، ومن دول كثيرة ملّت زمن القطب الواحد والغطرسة الأمريكية المتوحشة،‏


هذا الموقف لم يكن مفاجئاً لدول العدوان وحسب، بل جاء صادماً لهم حتى النخاع المسكون بالقوة المتوحشة.‏

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق