بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 مايو 2014

فتاوى سوق الجمعة - يوسف عبدالكريم الزنكوي

لست هنا بمدع الكمال أو الأخلاق الحميدة, ولا بالعارف والممتثل بالمثل العليا, ولكنني أرى كثرة من الناس تتداول الأقوال المأثورة, والمثل العليا, والحكم الدالة على الأخلاق الرفيعة, بينما المطبقون لكل هذا وذاك هم قلة إن لم تكن نادرة, فأتساءل: لماذا لا يبدأون بأنفسهم قبل نصح الآخرين؟ فأنا أعرف تمام المعرفة أنه لا يكفي أن يقرأ المرء القرآن
ويختمه لـ”يتخرج” حاملا شهادة “ختمة القرآن”, وليكون بعدها مسلما حقيقيا, ولكن المهم أن يفهم معانيه الإلهية ومقاصد رب العالمين في كل كلمة من الكلمات النورانية, حينها, وحينها فقط, يمكنه أن يبدأ أولى خطواته نحو الإسلام الحقيقي عندما يطبق هذه المفاهيم على نفسه.
ولا يكفي المرء أن يردد الشهادتين: “أشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمدا رسول الله”, ليدعي بعدها انتماءه لهذا الدين العظيم, وليحيط نفسه بهالة الشهادتين هي في واقع الأمر قناع أو هالة مزيفة لا تعكس حقيقة سلوكيات هذا المرء على الأرض, ولا تفسير أسلوب تعامله مع الآخرين, ذلك لأنه يجب عليه أن يطبق تعاليم هذا الدين على أرض الواقع, فيشعر المحيطون به في كل لحظة وقبل كل شيء وقبل أن يكون مسلما, إنه إنسان حقيقي في سلوكه, وفي أقواله, وفي تعامله مع الناس, امتثالا لقول رسولنا الكريم: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”.
وعندما أعرف أن محمدا أرسل “رحمة للعالمين”, أتساءل: لماذا يحاول بعض مدعي التدين و”الشيخة الدينية” أن يبرزوا الفوارق ليس بين الإسلام وغيره من الأديان فقط, ولكنهم يستميتون في إظهار الفوارق التافهة بين المذاهب الإسلامية أيضا؟ ولماذا يركزون على الاختلافات بين هذه المذاهب الإسلامية التي تفرقنا, ولا يركزون على أوجه التشابه التي تجمعنا؟ ولماذا يختلقون المعارك بين المسلمين, وكأنهم لم يقرأوا سورة الحجرات, ولم يفهموا معاني الآية الكريمة: “يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا, إن أكرمكم عند الله أتقاكم”؟
رغم إيماني العميق بعدم حاجة هذا الدين لمن يدفع عنه الأذى, امتثالا بالآية الكريمة “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون”, إلا أن البعض من المسلمين, وبسبب آرائهم غير السوية عن حقيقة هذا الدين الحنيف, وبسبب فتاويهم الطافحة بالحماقة, يجبروننا على الوقوف في وجه هؤلاء, وفي وجه كل من يحاول تشويه الصورة الجميلة لهذا الدين الجميل. كما يجبروننا على محاولة تحجيم أدعياء الدين وأصحاب هذه الفتاوى الغريبة التي ما أنزل الله بها من سلطان. فكثيرون من حولنا يدعون انهم مسلمون بينما هم في واقع الأمر أبعد ما يكونون عن المبادىء البسيطة في الإسلام.
أقول قولي هذا بعد أن أرسل لي عدد غير قليل من الأصدقاء عبر “واتس اب” فيديوهات تصور أناساً تمترسوا خلف لباس شيوخ الدين وهم يطلقون رسائل تنضح بالكراهية والبغض لمختلف الأديان رغم أنه يفترض في ديننا أن يكون من أكثر الأديان إبرازا لروح التسامح والتعاطف والمودة والمحبة للآخرين. وآخر هذه الرسائل صورة لشخص ذي لحية كثيفة محناة, وقد تصدرت جبهته زبيبة كبيرة على شكل حدوة حصان مقلوبة سمي الشيخ ياسر برهامي, وبجانب الصورة الرسالة التالية:
“سأل الشيخ ياسر البرهامي إزاي إحنا مأمورين بكراهية النصارى واليهود وفي الوقت نفسه ممكن نتزوج نساءهم؟ فأجابه “الشيخ الجليل” بابتسامة سمحة: يا راجل وهو فيه رجالة بتحب زوجاتهم أصلا؟ وهو إنت يعني عشان اتجوزتها لازم تحبها؟ قد تكون تزوجتها لمالها أو لجمالها أو جسدها وفي الحالة دي تحتفظ بكراهيتك لها عادي جدا, زيها زي المغتصبة. يعني هو كل واحد بيغتصب واحدة بيحبها”؟.
فعاد السائل ليتساءل: “طب عند الحضور للمنزل أليس من السنة أن أسلم على أهل بيتي؟ فأضاف “الشيخ الجليل”, تسلم على أولادك عشان هم مسلمون. لكن هي لأ.. وممكن تقول السلام عليكم للجميع لكي تنوي إن السلام للمسلمين فقط, وتحتفظ بكراهيتك لها في قلبك”. وفي آخر الرسالة جملة تقول: “يا أيها الشيخ غير الجليل: لو اجتمعت شياطين الإنس والجن لتشويه الإسلام ما استطاعوا أن يشوهوه مثلما تفعل أنت وأمثالك”.
                                                                                                                                                        الكويت



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق