بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 27 مايو 2014

الأردن… بلد آمن أم «ممسوك»؟ بسام البدارين

رفض بابا الفاتيكان عندما زار الاردن نهاية الاسبوع الماضي الركوب في سيارة مصفحة وانتقى سيارة عادية من نوع تويوتا.
عندما وصل الرجل المثير للجدل الى بوابة استاد عمان الدولي ركب على السيارة البيضاء المفتوحة الصغيرة مع مرافقين فقط ثم دار على الجمهور المحتشد في الملعب وتوقف لمصافحة وتحية الناس كل مئة متر تقريبا قبل اعتلاء المنصة الرئيسية وقيادة القداس الديني.
كان يمكن كما يبلغني صديق لي اصابة البابا بحجر عن قرب أو برصاصة خرطوش من بندقية صيد .
زيارة ضيف كبير بحجم البابا تطلبت فقط اغلاق شوارع فرعية جدا لعدة دقائق اثناء مرور موكب الضيف وليس أكثر.
بعض الزحام جازف به اهل عمان في بعض التقاطعات.
لكن بابا الفاتيكان في كل الاحوال تجول في مرافق العاصمة الاردنية بدون حراسات حقيقية ولم يتطلب الامر اجراءات خاصة جدا وهو وضع يقول خبراء انه غير ممكن حتى في عواصم اوروبا.
رسالة هذا الكلام واضحة فالاردن بلد آمن والذين رتبوا زيارة البابا وجولاته لم يتطلب منهم الامر الإغراق في التكهنات والسيناريوهات لان الاردن بلد آمن باختصار وبلد ممسوك جيدا وتوجد فيه اجهزة امنية خبيرة ترتكب احيانا بعض الاخطاء خصوصا في السياسة وفي الاقصاء ولكن هذه الاجهزة هي المسؤولة عن حالة الامان التي يعيشها كل طفل اردني يذهب للمدرسة او فتاة تتجول منتصف الليل او إمرأة غريبة او مواطنة اضطرت للخروج.
نعم يوجد أمن في الاردن .. نعم ذلك منجز مريح لنا كاردنيين .. ونعم هناك رجال صدقوا وهم يبذلون الجهد لتوفير الأمن لبلد فقير مثل الاردن اصبح بكل الاحوال جملة موسيقية في الامن والاستقرار وسط الحان مضطربة في الجوار قوامها الدم والعنف والتفجيرات.
لم يكن من الممكن ان يتسنى للبابا التجول بسيارة غير مصفحة او مكشوفة في كل عواصم المنطقة والشرق الاوسط وفي اكثر من ثلث عواصم العالم لكن تسنى له ذلك وسط الاردنيين وذلك منجز بكل الاحوال لا يمكن انكاره حتى عندما نختلف مع المؤسسة السياسية او الحكومية الاردنية.
وهو منجز له اسباب اهمها عقيدة التسامح التي تؤمن بها المؤسسة الاردنية وعدم وجود سجل او تراث من الايمان بالدم او الثأر وذلك ايضا منجز تستحق الدولة الاردنية الثناء عليه فضيف مثل البابا يتجول في عمان بدون سيارة مصفحة فيما تلتهم اطفال ونساء ابرياء في عواصم عربية مجاورة سيارات مفخخة.
عندما ننتقد الموقف الرسمي الاردني من اي قضية وفي اي موضوع لا نفعل ذلك انتقاصا من الحقائق والمنجزات والوقائع ولكن سعيا للتطوير والنماء والاصلاح وسعيا للافضل بكل الاحوال فالاردنيون شعب صبور ولديه كرامة ويؤمن بنظامه السياسي ولا يطرح اسئلة بعنوان الشرعية وهي حلقة من الامان لا يؤثر فيها سلبا ولا ينتهكها الا تصرفات لبعض اللصوص والفاسدين والحواة وسلوكيات فردية لبعض الموتورين وقرارات تتخذها نخب معنية بمصالحها فقط .. عندما يحصل ذلك يتآكل رصيد النظام في الاردن.
يمكن في بلد كالاردن يتميز فعلا بنعمة الامن والامان ان يرصد المراقب على وجوه الناس تلك الفكرة العقائدية حول الاختلاف مع الدولة وليس عليها .. مع الملك احيانا وليس عليه.. مع الحكومة والسياسيين في اغلب الاحوال وليس عليهم.
نفس هذه الفلسفة هي التي تدفع مواطنا مثلي للاستفاضة بالشرح عندما تسأل زميلة مغربية عن جدية عدم وجود او شيوع ظواهر الاغتصاب في المجتمع الاردني او عندما تستفسر عن السبب الذي يدفع امرأة او فتاة للتجول في منتصف الليل براحة وامان واطمئنان.
السفراء في الأردن يعرفون تمام المعرفة بان الأمان متوفر في البلد للمرأة وللطفل وان ما يسيء للأمن الإجتماعي في كل المنطقة سياسات حكوماتهم في دعم العدو الإسرائيلي وقمعه الدائم للشعب الفلسطيني وهي نفسها السياسات التي ترعى التطرف وتغذي الإرهاب والجنون.
يحدث أحد السفراء العرب زميلة لنا وله عن عدم شيوع حوادث التحرش والإعتداء وندرة حوادث الإغتصاب في الأردن وعن الإحترام الذي تحظى به المرأة إجتماعيا رغم كلاسيكية وتحفظ المجتمع.
تلك قيمة قد تحسد عليها المرأة الاردنية في غالبية المجتمعات العربية ليس فقط لان المؤسسات الامنية لها هيبة وتتكفل بتطبيق القانون ولكن ايضا لان العرف والعادة والقبيلة والعشيرة تتحول فورا الى مراكز امنية شرسة ضد الانحراف والجريمة والشذوذ.
النظام الاجتماعي في الاردن مكلف بالنسبة للمنحرف او المجرم او الشاذ والعائلة هي التي تنبذ المنحرف فيها وتتخلى عنه وفي كثير من الاحيان تعاقبه قبل المحكمة والشرطة والاجهزة الامنية.
الخصوصية محترمة في المجتمع الاردني .. كذلك كرامة الفرد وكرامة المرأة وكل نغمة تغرد خارج سرب هذا اللحن تبدو دائما مدانة ومستنكرة ولا مكان لها في حضن المجتمع.
حالة توافق على الامن والاستقرار عجيبة يتوافق عليها الجميع فكل مواطن اردني حتى ان كان معارضا او لديه وجهة نظر مستفيد من قيمة الامن والامان والاجهزة الامنية وصلت بصرف النظر عن اي ملاحظات على ادائها وخطابها السياسي او الديمقراطي إلى درجة مرضية من الإحتراف المهني الذي يكفل في غالبية الحالات تغطية قانونية تعاقب المخطئين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق