بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 18 مايو 2014

جهاد ياسر عرفات في ذكرى نكبة فلسطين د. يوسف نور عوض

كان مولده في القاهرة في الرابع والعشرين من شهر آب/أغسطس عام ألف وتسعمئة وتسعة وعشرين وأما والده فهو عبد الرؤوف القدوة الحسيني من مدينة غزة وكانت جدته ذات أصول مصرية ونظرا لأن عرفات ترعرع فيالقاهرة، فقد كانت العادة ألا يذكر الاسم الأول فلا يقال محمد أو أحمد كما هي العادة مع أنور السادات وحسني مبارك، لكن عرفات أسقط أيضا اسم عبد الرحمن وعبد الرؤوف كجزء من اسمه في بداية الخمسينيات من القرن الماضي اتخذ عرفات اسم ياسر، وخلال سنواته الأولى في عمله الفدائي أطلق على نفسه اسم أبي عمار تيمنا بعمار بن ياسر الصحابي الجليل ولكنه تخلى عن جميع الأسماء واحتفظ باسم عرفات لأهمية الاسم في التراث الإسلامي، وكان عرفات مازال في الرابعة من عمره أما أول مرة ذهب فيها عرفات إلى القدس فكانت حين أرسله والده مع أخيه فتحي للعيش مع عائلة أمه في حي المغاربة بعد أن وجد صعوبة في إعالة أبنائه السبعة.
وعاش عرفات في مدينة القدس على مدى أربع سنوات مع عمه سالم أبو السعود وفي عام ألف وتسعمئة وسبعة وثلاثين استدعاه والده للعيش مع أخته الكبرى إنعام في عام ألف وتسعمئة وأربعة وأربعين التحق ياسر عرفات بجامعة الملك فؤاد في مصر التي تخرج منها عام ألف وتسعمئة وخمسين وفي جامعة فؤاد تبنى عرفات المفاهيم القومية وعمل على تهريب السلاح إلى فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني في تلك المرحلة وعندما نشبت حرب عام ألف وتسعمئة وثمانية وأربعين، ترك الجامعة لبعض الوقت من أجل الانضمام لأولئك الذين قرروا الحرب ضد القوات الإسرائيلية ولم يحارب عرفات في تلك الفترة إلى جانب الفدائيين الفلسطينيين بل حارب إلى جانب جماعات الإخوان المسلمين على الرغم من عدم انتمائه رسميا لهذه الجماعة وبعد حرب السويس في عام ألف وتسعمئة وستة وخمسين وافق الرئيس جمال عبد الناصر على دخول قوات الطوارىء التابعة للأمم المتحدة إلى سيناء وقطاع غزة وأدى هذا الإجراء لطرد جميع الفدائيين العاملين في تلك المنطقة، وكان من بينهم ياسر عرفات الذي جاهد من أجل الحصول على فيزا إلى كندا في تلك المرحلة، وفي عام ألف وتسعمئة وسبعة وخمسين تمت الموافقة له بفيزا إلى الكويت التي كانت في ذلك الوقت تحت الحماية البريطانية استنادا على مهنته كمهندس مدني وهناك اتصل بصديقين هما صلاح خلف أبو إياد وخليل الوزير أبوجهاد وكانا ينتميان لجماعة الأخوان المسلمين المصرية وكان عرفات تعرف على أبو إياد عندما كان طالبا في جامعة القاهرة والتقى بأبي جهاد في غزة. وأصبح الاثنان من مساعدي عرفات ،وقد ساعد أبو إياد عرفات على الحصول على وظيفة كمدرس في الكويت وخلال هذه الفترة بدأ عرفات يطور علاقاته مع الفلسطينيين وشيئا فشيئا كون المجموعة التي أصبحت تعرف باسم فتح ولا يعرف على وجه التحديد تاريخ تأليف هذه المجموعة عرفات لم يتبن الأيديولوجيات التي كانت سائدة في الدول العربية قي ذلك الوقت بخلاف الفصائل الأخرى التي تبنت المواقف السائدة في مصر والعراق وسوريا والمملكة العربية السعودية ورفض عرفات بالتالي التبرعات من الدول العربية، وقد اعتمد على تبرعات كثير من الفلسطينيين العاملين في الكويت ودول الخليج وبتزايد العمليات الفدائية التي قادتها فتح قامت إسرائيل بهجومها على مدينة الكرامة بالطائرات والدبابات وكان صمود فتح بطوليا.
هذه المعركة أسفرت عن مقتل مئة وخمسين من رجال فتح وأسر عدد مماثل وقد قتل في المعركة أربعة وثمانون من الجنود الأردنيين وثمانية وعشرون إسرائيليا.
وقد غطت مجلة تايم الأمريكية المعركة وظهر ياسر عرفات على غلافها وهو ما منحه مكانة عالمية كبطل يواجه إسرائيل، وذلك ما جعل الأموال والأسلحة تتدفق إليه وعشرات المقاتلين من غير الفلسطينين انضموا لفتح.
وفي الثالث من شباط/فبراير 1969ترك يحي حمودة منصبه كرئيس للمجلس الوطني الفلسطيني في القاهرة ليحل محله ياسر عرفات والذي أصبح قائدا للقوات الثورية بعد عامين ورئيسا للدائرة السياسية في عام 1973. في عام ألف وتسعمئة واثنين وسبعين قامت جماعة سبتمبر الأسود التابعة لفتح باختطاف طائرة سابينا المتجهة إلى فيينا وأجبروها على الهبوط في مطار بن غوريون في اللد وقام الفدائيون وبعض أفراد الجيش الياباني الأحمر بعملية هجوم في المطار نفسه ما أدى لمقتل أربعة وعشرين مدنيا.
وأعلنت إسرائيل في ما بعد أن مقتل غسان كنفاني كان بسبب هذه الحادثة وقد انتقمت منظمة التحرير بعد يومين بتفجير حافلة ومقتل سبعة من ركابها. في عام ألف وتسعمئة وأربعة وسبعين وافق المجلس الوطني الفلسطيني على برنامج النقاط العشر بموافقة عرفات ومستشاريه واقترح البرنامج حلا توافقيا مع إسرائيل.
البرنامج دعا إلى سلطة فلسطينية في كل الأراضي المحررة ويشمل ذلك الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. هذه النقاط أثارت كثيرا من عدم الرضا بين الفصائل الفلسطينية وتكونت على الفور منظمة للرفض.
في هذه المرحلة اتهمت الولايات المتحدة واسرائيل ياسر عرفات في عملية اغتيالات الخرطوم وهي العملية التي قتل فيها خمسة دبلوماسيين وخمسة آخرين.
ياسر عرفات رفض هذا الاتهام وقال إن الذين ارتكبوها هم جماعة سبتمبر الأسود.
في عام ألف وتسعمئة وأربعة وسبعين أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد والشرعي للشعب الفلسطيني، وقد قبلت عضوا في جامعة الدول العربية في قمة الرباط وأصبح عرفات أول ممثل لهيئة غير حكومية يخاطب الجمعية العامة للأمم المتحدة، وفي خطابه قال إنه يحمل غصن الزيتون بيد والبندقية بيد أخرى، وقد استقطبت خطبته تعاطفا دوليا للقضية الفلسطينية8 وقد أصبح عرفات قادرا على التعامل مع رؤساء الدول مثل صدام حسين وعيدي أمين الذي كان صديقه في زواجه في أوغندا.
وفي عام ستة وسبعين قامت قوات من المليشيات المسيحية بدعم من الجيش السوري واللبناني بمحاصرة معسكر تل الزعتر في بيروت. وكان رد منظمة التحرير والحركة الوطنية اللبنانية بمهاجمة بلدة الدامور حيث قتل ثلاثمئة وثلاثون وجرح كثيرون وقد سقط مخيم تل الزعتر في أيدي المسيحيين بعد ستة شهور من الحصار وقتل آلاف الفلسطينيين ما جعل عرفات وأبوإياد يوجهان اللوم لنفسيهما.
مركز عمليات فتح انتقل إلى تونس، وفي عام ألف وتسعمئة وخمسة وثمانين نجا ياسر عرفات من غارة إسرائيلية قامت بها مقاتلات إسرائيلية في عملية أطلق عليها الرجل الخشبية، وقد خلفت هذه العملية ثلاثة وسبعين قتيلا وكانت نجاة عرفات عندما خرج صباحا لممارسة رياضة العدو. خلال مرحلة الثمانينيات تسلم عرفات مساعدات من ليبيا والعراق والسعودية ساعدته على إعادة هيكلة منظمة التحرير الفلسطينية وبدء الانتفاضة الأولى كأثر للهجوم الإسرائيلي على الصفة الغربية وغزة.
في عام 1988 قتل أبوجهاد في منزله في تونس واتهمت فرقة إسرائيلية بتنفيذ الاغتيال.
في الخامس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 1988 حدث تحول رئيسي في الاتجاهات عندما أعلن ياسر عرفات دولة فلسطين المستقلة، وفي شهر كانون الاول/ ديسمبر من العام نفسه قبل ياسر عرفات قرار الأمم المتحدة رقم 242الذي يعترف بحق إسرائيل في العيش في سلام وكان ذلك من شرط المفاوضات بين الولايات المتحدة ومنظمة التحرير الفلسطينية، التوجه كان نحو إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وقد انتخب ياسر عرفات بواسطة المجلس الوطني الفلسطيني ليصبح رئيسا لهذه الدولة. 
في عام 1991 عارض ياسر عرفت الموقف الأمريكي في حرب الخليج وبالتالي اعتبرته الولايات المتحدة غير شريك في عملية السلام كما ساءت علاقته مع بعض الدول العربية ومنها مصر ودول الخليج العربي.
‘ كاتب من السودان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق