بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 13 مايو 2014

بصراحة من الضاحية الجنوبية وعن ‘مغامرات’ حزب الله بسام البدارين

جمعتني أحاديث خاصة بنخبة من الزملاء والاصدقاء من لبنان تناولت بصورة حصرية تلك الكلفة الباهظة للحرب الدائرة في سوريا على أمن واستقرار المجتمع اللبناني نفسه خصوصا في ظل اصرار قيادة حزب الله على المشاركة
بفاعلية في كل مظاهر هذه الحرب دون حصول مراجعة او تقييم وطني.لم يعد سرا بالنسبة للزملاء الصحافيين والاعلاميين في لبنان الوضع الامني المأساوي في ضواحي بيروت وحتى في محيط مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بعدما اصبح لبنان ساحة لمواجهة دموية بين قوى أصولية متطرفة تدعي انها تمثل اهل السنة المضطهدين في سوريا وقوى ايديولوجية تثير طابعا طائفيا للنزاع والصراع عندما تستعمل خطاب تحرير قبر السيدة زينب عبر مساندة النظام السوري.

كل العملية السياسية في لبنان تعرقلت في اكثر من محطة والوضع الاقتصادي والامني وصل الى مستوى كارثي والاهم ان فكرة الامن الشخصي غابت عن الاف العوائل اللبنانية رغم اعجابنا جميعا بقدرة الشخصية اللبنانية الاسطورية على حب الحياة وممارسة الحياة تحت ظل الاحداث الامنية والحربية.
يقول احد المحدثين لي وهو من انصار حزب الله بالمناسبة بان الموت المحتمل اصبح هاجسا يوميا للعائلات اللبنانية فزيارة مخبز او الذهاب الى مدرسة في عمق ومحيط الضاحية الجنوبية مثلا يتطلب احيانا ثلاث ساعات في مشوار لا تزيد كلفته الزمنية عن 15 دقيقة.
سبب ذلك الحواجز العسكرية المتتالية التي يقيمها حزب الله لاسباب أمنية والعبور ما بين الاحياء والشوارع اصبح امرا مقلقا للغاية حسب المحدث نفسه الذي يعترف بان خروج الطفل اللبناني الان الى مدرسته اصبح امرا مقلقا بالنسبة للأم والاب والوقت يهدر في الانتقال والتجول ما بين الحواجز الامنية وصلوات الوداع احيانا تتلى عند الشيعة والمسيحيين وحتى اهل السنة اذا ما تطلب الامر المغادرة من منطقة الى اخرى او قرية الى اخرى لزيارة مريض او تقديم واجب اجتماعي او تحصيل مصلحة اقتصادية او معيشية.
اضافة للغلاء الفاحش والوضع الاقتصادي المتردي جدا والتوتر الدموي في المخيمات ومحيطها اصبح التنقل بين الاحياء البيروتية مهمة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لمئات اللبنانيين والقلق هاجس جماعي لان السيارات المفخخة التي ارسلها بالتأكيد مجرمون الى مناطق متعددة وشوارع متنوعة بددت الاحساس الجماعي بوجود شوارع آمنة او مغلقة على احتمالات التفجير.
صحيح ان اجراءات حزب الله الامنية ومعها اجراءات الجيش اللبناني قلصت الى حد كبير من ظاهرة السيارات المفخخة.
لكن الصحيح ايضا ان من مول واشرف على ظاهرة السيارات المفخخة تمكن من تحقيق اختراقات امنية واضحة للبرنامج الامني خصوصا لحزب الله وهي اختراقات يقول اللبنانيون انفسهم انها انتهت بتأثير سلبي على ثقتهم بالمؤسسة الامنية الحزبية وعلى سبل حياتهم اليومية لانها كانت اختراقات صعبة ومعقدة وهي للاسف مازالت قابلة للتكرار.
لا يمكن الدفاع مطلقا عن اي مسوغ او منطق يسمح بتفجير سيارة مفخخة في شارع أو حي او سكن تجاري ولا يمكن الدفاع عن اي منطق يقبل بفكرة مقتل مدنيين ابرياء فمثل هذا الاجرام مارسه في تاريخنا المعاصر العدو الاسرائيلي فقط ولم يكن ضمن قاموس التباين الطائفي.
الارهاب لا طائفة له ومن يقتل بريئا او مدنيا مجرم بكل اللغات والشرائع لكن بوضوح شديد من يوافق على المجازر التي يرتكبها النظام السوري ضد المدنيين الامنيين وسبل العقاب الجماعي مجرم ايضا ولا يمكن تبرير مثل هذه المساندة للظلم والطغيان والفساد باي لافتة سياسية مهما كانت فكل البرامج السياسية وكل الاحزاب والحكومات العربية لا تساوي قطرة دم بريئة واحدة تهدر من دم طفل سوري او لبناني او فلسطيني. 
لا يمكن للضمير البشري القبول بإدانة من يفجر سيارة مفخخة باسم طائفة من المسلمين في حي شيعي فيقتل الابرياء وبنفس الوقت الموافقة على البراميل المتفجرة التي يلقيها النظام السوري على رؤوس الناس في القرى والارياف.
من يفجر سيارة مفخخة بالمدنيين يرتكب نفس الجريمة التي ترتكبها جماعات تتبع النظام السوري في اطار تبرير هذا العمل الشنيع تحت عنوان استهلاكي قوامه فكرة الصمود والتصدي.
نتوقع من حزب الله الذي نحترم سجله بالمقاومة سابقا ان يتفهم تماما حجم الاذى الذي سببه للجمهور العربي وهو يشارك بكل عدته وعدده في حرب قذرة لصالح النظام السوري.
مجازفة حزب الله في هذا السياق كانت مكلفة للغاية خصوصا وانه اخفق في تبرير هذه المشاركة في الحرب لصالح النظام السوري ليس فقط امام الرأي العام العربي ولكن امام الشعب اللبناني ايضا وامام جمهور الحزب وقاعدته الاجتماعية بنفس الوقت.
حزب الله افتقر الى التكتيك الذكي الذي عرف عنه وهو يشارك في الحرب على الشعب السوري بصورة علنية وضمن خطاب تحريضي تعبوي لا يمكن انكار المساحة الطائفية فيه وتلك كانت مسألة في غاية الاهمية اثارت استغراب من يناصرون هذا الحزب او حتى من يتفهمون انضمامه استراتيجيا للنظام السوري.
اخطاء حزب الله في السياق كانت كثيرة ولم تقف عند تلك الاجتهادات الانفعالية التي ظهرت في اداء وخطاب بعض قادته واذرعه الاعلامية بل تجاوزت باتجاه المجازفة اولا بسمعة هذا الحزب وسجله المشرف للمقاومة وثانيا بارباك المعادلة السياسية في لبنان وغياب معادلة الامن عن المواطن اللبناني وتحديدا في الضاحية الجنوبية التي تدفع الان ثمن مغامرات حزبها في القلمون وعرسال وفي مواقع اخرى كثيرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق