بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 11 مايو 2014

قضاء مكتوف الأيدي - احمد الجارالله

لو كان الحلاج حيا ونظر الى قانون المحاكمات عندنا لأعاد قوله المأثور” ألقاهُ في اليمِّ مكتوفاً وقال له … إيَّاكَ إيَّاكَ أن تبتلَّ بالماء” لكن هذه المرة حزنا على القيود التي تعاني منها السلطة القضائية جراء القانون رقم 17 لسنة 1960 الذي وضع سير المحاكمات في إطار بطيء لا يمكن الفكاك منه إلا بتعديله, وإعادة النظر في معظم مواده البالغة 250
مادة تكاد تمنع القاضي من ممارسة دوره لأنها تجعله يسير في حقل ألغام يستطيع محامي الدفاع زرعه لاطالة أمد المحاكمات إلى ما شاء الله.

في الآونة الأخيرة عرض العديد من القضايا المتعلقة بأمن الدولة الداخلي, او الماسة بالاشخاص او برموز الدولة, ولا تزال تؤجل منذ أشهر, وبعضها من سنوات, بسبب ما وضعه القانون من قيود على القضاء لمصلحة المدعى عليه.
هذا التقييد جعل الخارجين على القانون يتمادون في ممارساتهم, واهمين الناس ان خزعبلاتهم حقيقة تخيف السلطات في الدولة وتدفعها الى المماطلة في المحاسبة.
وذهب هؤلاء في طريقهم إلى حد الفجور في الكيدية, ليس لخصومهم السياسيين فقط, بل للقضاء وهو لا يزال يقاوم بنزاهته وعدله كل محاولات الفاجرين السفهاء, فيما هو في الواقع يعاني من جور القانون الذي بات تعديله وخفض مهل المحاكمات, وتحديثه ليتناسب مع التطورات التي شهدها العالم في المجال القانوني, ضرورة ملحة كي لا يصبح هذا القانون نافذة تهب منها ريح سموم التمادي بالاجرام.
في كل دول العالم تعتبر قضايا أمن الدولة, أو تلك الواقعة على الامن العام وضد المجتمع, والمثيرة للقلاقل والنعرات والممهدة للفوضى, من القضايا الملحة التي لا تحتمل التأجيل والبطء, وتصدر فيها الاحكام بسرعة, إلا في الكويت حيث القضاء مكتوف الايدي لا يمكنه ممارسة دوره.
لن نقول انظروا الى تسريع المحاكمات في مصر, خصوصا تلك الواقعة على أمن الدولة الداخلي, الا اننا نسأل: ماذا سيفيدنا اذا وصل الامر الى حد إغراق القضاء بالدعاوى, وبخاصة تلك التي على شاكلة القضايا المتعلقة بممارسات” الخرونقات” وعصاعصهم وقد تعدت كل الحدود, بل باتت تهدد مصير البلاد ككل, ألا يعني ذلك تعجيز القضاء, بعدما عجزت الدولة عن ممارسة دورها في مواجهة تلك الجماعة؟
ليست هذه دعوة الى قيام الدولة البوليسية او التدخل في شؤون القضاء الذي لا سلطان لأحد عليه, إنما هي دعوة الى إطلاق يده ليمارس دوره المعهود بما عهدناه منه من شفافية ونزاهة وعدل, كي يصدر أحكامه بالسرعة اللازمة, وأيضا هي دعوة الى تعديل قانون مضى عليه 54 عاما, فيما بات بين ظهرانينا اليوم من يسعى الى التخريب وتشويه المؤسسات كافة, وبلغ هذا المخرب بوقاحته حد التجرؤ على السلطة الثالثة, وتحريضه المشبوهين واللصوص والفاسدين عليها علنا. فهل ستتركون القضاء في اليم مقيدا وتطلبون منه ألا يبتل؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق