بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 9 مايو 2014

عن شعارات الانتخابات الرئاسية في مصر كرم سعيد

تتواصل دعاية المرشحين لخوض الانتخابات الرئاسية في مصر حتى 23 أيار (مايو) الجاري، ودشن المشير عبد الفتاح السيسي حملته التي ترفع شعار «تحيا مصر» بكتابة تدوينة على موقع الحملة الإلكتروني. وتحت شعار «معاً نبني دولة ناجحة»، وجّه حمدين صباحي كلمة متلفزة إلى الشعب. والأرجح أن الشعارات الانتخابية تبقى العنوان الأبرز للمشهد سواء على أرض الواقع أو في الفضاء الإلكتروني، لا سيما وأنها أنيقة المظهر وإن كانت فقيرة المضمون، إذ لا تزال تعزف على أوتار لقمة العيش والأمن واحتياجات البسطاء بعيداً من استراتيجيات محددة ورؤى واضحة.
وتؤثر الشعارات في شكل واضح في مشاعر الناس وتجعلهم يتجاوبون، ليس فقط مع معاني الكلمات التي تثيرها، بل أيضاً مع صاحبها. وصيغت شعارات الحملات الرئاسية من خلال استخدام أدوات معينة، لحشد الصفوف والمواقف لمصلحة كل مرشح، أيضاً حملت عناوين هذه الحملات تحفيزاً للهيئة الناخبة على قبول هذا المرشح أو ذاك من منطلق الوعود والمكاسب المتوخاة حال انتخابه.
ويعكس شعار حملة السيسي في جوهره تحدياً للقوى السياسية التي تحاول تشويه الصورة النمطية للمؤسسة العسكرية في الوعي الجمعي المصري والتي ترسخت على مدار قرون ظل فيها الجيش الملاذ الآمن للشعب، خصوصاً في مواجهة العدو الخارجي، ثم في التصدي للكيانات والتيارات الإسلامية التي تتهم السيسي ومن ورائه الجيش بالسعي إلى الإمساك بمفاصل الدولة وتفصيل المشهد السياسي على مقاس طموحاته السياسية.
غير أن شعار حملة السيسي يحمل بين جنباته قدراً من السطحية، كشفته مناخات التصريحات الفضفاضة للمشير خلال لقائه وفد الإعلاميين في 3 الجاري، وأكد أنه لا يحمل أي «جمايل» لأحد سواء في الداخل أو الخارج في إشارة واضحة إلى بقايا نظام مبارك أو الغرب. وقال: «أنا محسوب على اثنين فقط: ربنا، سبحانه وتعالى، ثم المصريين، غير كدا مفيش خالص، وأنا راجل صادق وأمين ومفيش حد ليه عندي حاجة. مفيش عندي فواتير».
لذلك حمل الشعار بين جنباته رسالة غزل للقطاعات التي خرجت في 30 حزيران (يونيو) 2013 اعتراضاً على حكم جماعة «الإخوان»، فضلاً عن محاولة استئناس الكتلة القبطية لحضّها على التصويت له، من منطلق أن مصر معه سوف تكون للجميع من دون إقصاء لأحد أو تهميش للآخر.
على الضفة الأخرى من النهر، جاء شعار حملة صبحي معنوناً بـ «هنكمل حلمنا». كما اعتمد كلمات أخرى عاطفية وثورية مثل «عيش. حرية. عدالة اجتماعية» في إشارة إلى ارتباطه بثورة 25 يناير وأهدافها التي لم يتحقق منها سوى النذر اليسير. ويتلاءم الشعار مع صباحي وشخصيته، إذ دأب على تقديم نفسه كمواطن عادي عاش سوء الأحوال المعيشية الذي كان الدافع الأساسي للاحتجاجات التي بلغت ذروتها في يناير 2011.
والأرجح أن شعار صباحي يستلهم مفرداته من فلسفة وأيديولوجية الناصرية، ففي الوقت الذي اتسم بالبساطة في طرح الفكرة في شكل يجعل رسالة الشعار سهلة في مخاطبة الناخبين، فإن شروح الشعار التي أفصح عنها صباحي في لقاءاته الانتخابية تبدو مرسلة غير متطابقة مع الواقع في بعض الأحيان، خصوصاً عندما أشار إلى أن مصر حال نجاحه لن تكون تابعة لأميركا، ناهيك عن سلسلة من المشروعات العملاقة والمصانع الجاهزة للتنفيذ الفوري ووفقاً لخطة متكاملة. وهكذا يلخص شعار السيسي برنامجه الانتخابي المعتمد على ترسيخ دولة القانون وفرض الأمن والاستقرار، ومحاربة جيوب الإرهاب، بينما يلخص شعار صباحي أفكاره الانتخابية التي يعتمد فيها المشاريع القومية وإعادة اكتشاف المواطن المصري وتحقيق حلمه في العدالة الاجتماعية.

خلاصة القول إن الرشاقة كانت هي الملمح الأكثر إثارة للشعارات الانتخابية، سواء لدى اليمين، أو اليسار الناصري، وكما أنها عبرت عن جدية إلا أنها لا تخلو من الإنشائية والعمومية.

المهم أن شعارات الحملات الانتخابية حاولت القفز على الأوضاع الراكدة في نهر الحياة السياسية والاجتماعية المصرية، وإن تشابهت ضمناً على تحقيق العدالة الاجتماعية وإنهاء حال عدم الاستقرار والقهر والظلم الممتدة طوال العقود الثلاثة الأخيرة.

أيضاً يسعى المرشحان من خلال الشعار الانتخابي إلى إلهاب حماس الجماهير، وكسر حاجز الخوف عند المواطن الذي أنهكته الصراعات السياسية والانقسامات المجتمعية فضلاً عن تردي الأوضاع الاقتصادية لدى قطاع معتبر من المصريين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق