بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 6 مايو 2014

الرئيس التوافقي لقتل الديموقراطية! - عبدالله اسكندر

تلقّى الرئيس اللبناني ميشال سليمان، لمناسبة الجلسة الأخيرة من الحوار الوطني اللبناني في عهده، مديحاً وإطراء، من شخصيات وقوى سياسية متعددة ومتنوعة الإنتماء الطائفي وذات ثقل نيابي. الإشادات تناولت شخصية الرئيس المنتهية ولايته، وخصوصاً نهجه السياسي، لا سيما منذ اندلاع النزاع في سورية. وجرى التعبير عن هذا النهج في ما يسمّى «إعلان بعبدا» الصادر بعد جلسة حوارية أيضاً.
لقد نوّه بهذا النهج وأشاد به كل من رئيس الوزراء السابق رئيس كتلة المستقبل النيابية فؤاد السنيورة والنائب وليد جنبلاط رئيس كتلة «جبهة النضال الوطني». وقبلهما تمنّى البطريرك الماروني الذي تعود الرئاسة إلى أحد أبناء طائفته أن يكمل الرئيس المقبل مسيرة سليمان في الحكم. وفي الغضون، كرّر كل من الدكتور سمير جعجع باسم حزب «القوات اللبنانية» وكتلته النيابية والرئيس السابق أمين الجميل باسم حزب الكتائب وكتلته النيابية، التأييد والدعم للنهج الذي يتبعه سليمان.
إذا جُمعت الأصوات النيابية لهذه الكتل فإنها بالتأكيد تستطيع أن تنتخب الرئيس المقبل، فور توافر النصاب النيابي، سواء في جلسة اليوم أو جلسة مقبلة. بالتأكيد ليس المقصود تجميع هذه الأصوات من أجل التمديد للرئيس الحالي، علماً ان مثل هذه الخطوة تبدو مستحيلة. فمن جهة أعلن سليمان مراراً وتكراراً تمسكه بالدستور والحرص على عدم المس به، علماً ان التمديد يحتاج الى تعديل دستوري. ومن جهة أخرى سيدفع «حزب الله» والجنرال ميشال عون، كل ثقلهما لمنع التمديد لسليمان الذي يناصبانه العداء السياسي، وتالياً لن تغطي كتلتاهما أي نصاب نيابي من أجل التعديل والتصويت.
لنفرض ان أعجوبة حصلت اليوم، أو في جلسة مقبلة، وأمكن العثور على شخصية مارونية يمكنها ان تكمل المسيرة السياسية لسليمان وتلتزم ما يلتزم به، فمن البديهي ان تلقى الدعم والإطراء اللذين كانا من نصيب الرئيس الحالي، وان تكون هذه المروحة من التأييد كافية الى إيصال هذه الشخصية الى سدة الرئاسة. فيكون الدستور مصاناً والعملية الديموقراطية أخذت مجراها، وانتخب الشخص الذي ينال العدد الأكبر من أصوات النواب المقترعين.
في مثل هذا السيناريو، يُطرح السؤال عن مدى قبول «حزب الله» وعون في تأمين نصاب نيابي لانتخاب شخصية تكمل مسيرة سليمان، رغم تمتع هذه الشخصية بتأييد عددي نيابي متعدد الإنتماء الطائفي.
يمكن الجزم سلفاً ان نواب «حزب الله» وعون، «كتلة الوفاء للمقاومة» و»كتلة الإصلاح والتغيير»، لن تتقيدا بموجبات انتدابهما الدستوري وستقاطعان هكذا جلسة نيابية كي لا يتأمن النصاب الانتخابي، وتالياً اختيار الشخصية المعنية.
هكذا يجعل هذان الطرفان من خصومتهما للآخرين، كل منهما لأسبابه الخاصة ولحسابات لا تتطابق مع حسابات شريكه، سلاحاً لا يهدد العملية الديموقراطية في لبنان والممارسة الصحيحة لدستوره فحسب، بل يختطفان الحياة السياسية برمتها، كما حصل في السابق، خصوصاً لدى تشكيل الحكومات. وإذ يتحدث خاطفو الحياة السياسية عن المشاركة الطائفية، فإنهم يعنون بها إلتحاق الآخرين بهم، وليس الأخذ في الاعتبار المصالح المشتركة والتوافقات على قواسم مشتركة.
وهذا هو المقصود اليوم بالمرشح التوافقي. فهو توافقي، بالنسبة الى «كتلة الوفاء للمقاومة»، إذا التزم مسبقاً بسياسة «حزب الله» الداخلية والإقليمية وأعلن جهاراً انتماءه الى المحور الذي تقوده إيران في المنطقة. وهو توافقي، بالنسبة الى «كتلة الإصلاح والتغيير»، إذا كان عون نفسه ولا أحد غيره...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق