بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 11 مايو 2014

العقل الشرقي وتطهيره من الشخصانية د. خالد عايد الجنفاوي

يصعب في عالمنا المعاصر تعميم السمات الذهنية حول مجموعة عرقية أو ثقافية معينة, ولكن تبقى بعض السمات الذهنية الفارقة تميز بين بعض طرف التفكير الشرقية والغربية. وهناك سمة تفكيرية متكررة راسخة في بعض الأذهان الشرقية النمطية, وتتمثل في ميل بعض الشرقيين نحو شخصنة علاقاتهم مع الآخرين وغلبة هذا النوع من
التفكير السلبي على حياتهم العامة. وباء الشخصانية يشير إلى سلوك وتصرف ذهني يتم فيه طرح النقد اللاذع تجاه شخصية الآخر بدلاً من نقد أدائه كموظف أو كناشط اجتماعي أو سياسي. وتتمثل شخصنة النقاشات والمواضيع المحلية في لوم الاخر بكياناته العاطفية والثقافية والاجتماعية وخلطها بشكل عشوائي مع ما يؤده من عمل أو ما يطرقه من أفكار أو ما يطرحه من تعليقات حول بعض القضايا المحلية. فيلوم صاحب التفكير الشخصاني الآخر كفرد وكإنسان مع أنه وفقاً للسياق المتداول حينه, لا علاقة بلون بشرة أو عرق أو دين أو مذهب أو فئة الآخر بما أداه أو لم يؤده من عمل. يوجد نوع من الافراط العاطفي في طريقة تعامل بعض العقول الشرقية مع ما يجري حولها في الحياة اليومية.

إضافة إلى محاولة ترسيخ الانطباعات العاطفية في نقد الآخر, يتصف الشخصاني ببعده عن الموضوعية, أي اعتباره لأي نقد وكأنه موجه إليه شخصياً وليس نقداً مشروعاً لأدائه: الميزة الذهنية التي تفرق بين التطور الحضاري والرجعية الفكرية تتمثل في تقبل العقل الابداعي والمتطور للنقد الموضوعي. وباء الشخصانية يماثل في آثاره ونتائجه المدمرة رفض التفكير العملي والموضوعي عند محاولة تفسير الظواهر والمواضيع الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. فلا بد لبعض العقول الشرقية من لوم شخص ما بسبب طبيعته الانسانية الخاصة حول أي خطأ يرتكبه أثناء اداء عمله. وكان المُشخصن يدعي أنه لو لم يكن ضحيته “فلاناً” أو لم ينتم لهذه أو لتلك الفئة الاجتماعية لما ارتكب هذا أو ذلك الخطأ الأدائي الواضح.
ثمة طرق ووسائل مختلفة يمكن أن يطبقها الفرد الحر والذكي للتخلص من سموم التفكير الشخصاني وتتمثل غالباً في التوقف مباشرة عن استعمال التفكير العاطفي. فما يتميز به التفكير الشخصاني هو كونه خلطاً متعمداً بين العاطفة والمشاعر المتقلبة وبين ما يحدث فعلاً على أرض الواقع. التفكير الشخصاني إدماني ومُلوث حيث يترك خلفه سموماً فكرية يجب التخلص منها بأسرع وقت ممكن.
                                                    الكويت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق