بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 18 سبتمبر 2013

تلاشت الضربة..ماذا بعد!؟ - سالم مشكور


بات واضحا الآن أن الضربة العسكرية لسوريا تلاشت تماما، وتنفس النظام السوري وأصدقاؤه، والمتضررون من تداعيات الضربة على بلدانهم، الصعداء . اللاعب الروسي لا يمكن إلاّ أن يشعر بالنشوة باعتباره المنتصر في اختبار العودة قطبا ثانيا، منهيا نظام الاحادية القطبية بضربة قاضية. الخاسرون هنا تركيا والسعودية وقطر وباقي الذين سعوا للضربة وانفقوا في سبيلها المليارات. أكثر المتضررين هي المعارضة السورية التي بدا متحدوثها في الفضائيات في حالة عصبية. لا أعني هنا المجموعات المسلحة التي تمارس القتل والتدمير، بل المعارضة السياسية العلمانية التي تسعى الى نظام ديمقراطي، وهي صاحبة الدور الأضعف والصوت الأوطأ.
عوامل عديدة تضافرت وانتهت بإدارة كفة الأزمة صوب التهدئة والتسوية السياسية بعدما كانت الضربة قاب قوسين أو أدنى. وأوباما كان ذكيا بإحالة الأمر الى الكونغرس الذي تيقن اغلب اعضائه أن الرد المتوقع من سوريا وحلفائها سيخرج الضربة من نطاقها المحدود، الى توسيع لا تتحمله واشنطن وقبلها حليفتها تل ابيب. وعندما تحول "توّقع" الرد الى يقين، بدأ الانعطاف بإخراج روسي سرعان ما لقي ترحيبا أميركيا. دول خليجية  أكدت المعلومات التي توفرت للاميركيين بأنها كانت ستتلقى الرد خصوصا تلك الدول التي تضم قواعد أميركية . 
منذ تلاشي الضربة وتحركات وإشارات تصدر من هنا وهناك تشير الى ان ما كان تصعيدا متوقعا، ربما يتحول الى "خبطة " سياسية مغيرة الاتجاه تماما: الملك السعودي يدعو الرئيس الايراني حسن روحاني لزيارة الرياض. المرشد الايراني يؤكد لجمع من كوادر الحرس الثوري ان إنتاج الاسلحة النووية محرم شرعا. أطراف سياسية عراقية تتلقف إشارات للتطبيع مع طهران فتتحرك صوبها. أنقرة ترد على رغبة الحكومة العراقية بتطبيع العلاقات ايجابا وتعلن عن زيارة وزير خارجيتها الى بغداد الاسبوع المقبل. هذه وغيرها مؤشرات على ان المنطقة سائرة باتجاه خريطة جديدة من التحالفات ربما تصل الى مستوى "تسوية" كبيرة، يستمر فيها النظام السوري في الحكم بعد تسويات واتفاقيات جديدة معه. هناك تاريخ طويل من الاتفاقيات الاميركية مع الحكم السوري بشأن ملف إقليمي أو أكثر مثل الملف اللبناني. الآن يتوقع سياسي لبناني أن تؤدي التسوية المتوقعة الى عودة الدبابة السورية الى شوارع بيروت وطرابلس. 
لو صحّ هذا السيناريو فان المعارضة السورية العلمانية ستصاب بذات الاحباط الذي أصاب معارضة نظام صدام عندما انتهت الحرب العراقية الايرانية ولم يسقط صدام، وبعد انتهاء عاصفة الصحراء دون سقوط النظام . السؤال هنا: ما هو مصير مجموعات القتل والذبح المرتبطة بالقاعدة ؟. الجواب مرتبط بسؤال حيوي هو: ما حقيقة العلاقة بين هذه المجموعات، وأجهزة النظام السوري المخابراتية؟. هي كانت صديقة لتلك الاجهزة عندما كانت تنطلق من الاراضي السورية لقتل المدنيين في الشوارع والاسواق العراقية بحجة حرق الارض تحت الاميركان. هل تغيرت العلاقة بين الطرفين مع بدء الاحداث السورية حقا؟. وهل ستكون تلك الاجهزة مجددا ناصرا ومجهّزا لهذه المجموعات التي تواصل التوغل الى الاراضي العراقية وقتل العراقيين؟. 
العراق وقف ضد إطاحة النظام السوري خشية مرحلة ما بعده، فكيف سينعكس بقاؤه، على العراق؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق