بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 1 سبتمبر 2013

احترام إرادة الناخبين -محمد عبد الجبار الشبوط

ديمقراطيا، يجب ان تحترم ارادة الناخبين الى اقصى درجة متصورة، ومؤسساتيا يجب ان تحترم ارادة المؤسسات الديمقراطية المنتخبة الى اقصى درجة متصورة ايضا. والمشكلة تحصل حين يحصل فراق بين الناخبين وبين المؤسسات الديمقراطية المنتخبة. وحين يحصل هذا الفراق فهذا يعني وجود خلل كبير في العملية السياسية نفسها.
قدمت الديمقراطية في بريطانيا درسا جديرا بالتأمل. فقد كان رئيس الوزراء المحافظ كاميرون متحمسا جدا للعمل العسكري ضد سوريا على خلفية استخدام الاسلحة الكيمياوية. لكن حين رفض مجلس العموم هذا، باغلبية 13 صوتا فقط، تراجع كاميرون عن سياسته وقال انه يذعن لقرار مجلس العموم، الذي اطلقت عليه احدى الصحف البريطانية لقب "ابو البرلمانات". بل ان هذه الصحف اشادت بهذا التطور وقالت ان البرلمان البريطاني استعاد دوره المفقود منذ زمن رئيس الوزراء الاسبق توني بلير.
لا جدال في ان هناك خللا بارزا في العلاقة بين الناخبين العراقيين وبين المؤسسة التي انتخبوها، اي البرلمان، او على الاقل بعض من هؤلاء الناخبين. ثمة عدم رضا عن البرلمان والنواب لدى شريحة كبيرة من الناخبين الذين يعبر بعضهم عن الندم على انتخاب هذا المجلس.
الدعوة الى معالجة مسألة رواتب النواب وحقوقهم التقاعدية تأتي في اطار هذا الخلل، وفي سياق رؤية اوسع هي الدعوة الى اصلاح العملية السياسية. فمنذ وقت مبكر والاصوات تتعالى بضرورة اصلاح عيوب التأسيس واخطاء الممارسة التي لحقت العملية السياسية الديمقراطية منذ انطلاقتها بعد سقوط النظام الدكتاتوري البعثي في عام 2003.
وحتى تسير العملية السياسية في الطريق السليم، يجب احترام ارادة الناخبين، في التظاهر اولا، وفي رفع المطالب ثانيا، على ان تتم معالجة هذه المطالب بنفس الاليات الدستورية والديمقراطية المعتمدة.
احترام ارادة الناخبين في التظاهر يتم عبر الاجراءات الاصولية التي يجب ان تجعل ذلك ممكنا واصوليا وآمنا. والتعسف في الاجراءات الاصولية والقانونية قد يؤدي في نهاية المطاف الى التضييق في ممارسة هذا الحق. وهذا لا يجوز. كما ان التعامل مع المتظاهرين في اطار حفظ الامن يجب ألاّ يكون مبالغا فيه الى الدرجة التي تؤدي الى التضييق على حريتهم. لا نستطيع مطالبة المواطن بضبط النفس قبل مطالبة رجل الامن بذلك. بل ان رجل الامن اولى، لأنه مدرب على هذا، في حين ان المواطن يتصف بالعفوية وعدم القدرة على الضبط احيانا. وفي هذه الحالة يتعين على رجل الامن والشرطة ان يكون اكثر قدرة على ضبط النفس والتحمل. وفي المحصلة الاخيرة لا بد من التعاون بين الطرفين لما فيه الصالح العام المشخص من قبلهما معا.
اعطى رئيس الوزراء نوري المالكي الدعوة الى معالجة رواتب النواب وتقاعدهم دفعة مهمة حين اعلن عن تأييده لذلك.هذا يعني ان رسالة الناخبين المتظاهرين وصلت. بقي ان نسمع شيئا مشابها من رئيس البرلمان اسامة النجيفي. اذا تحقق هذا تكون الخطوة التالية مقترح قانون يصادق عليه مجلس النواب بهذا الصدد مع تبني الحكومة له. هذا يضع الامر على المسار الصحيح الذي لا يبقى معه حاجة الى التظاهر اصلا. لا تجعلوا المسألة "تكبر" اكثر من اللازم. المطلب واضح والطريق اليه واضح، والتأييد متوفر. وعلى الجهات ذات العلاقة ان تبادر الى اتخاذ الخطوة العملية الاولى الان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق