بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 11 سبتمبر 2013

ماذا بعد اختفاء الرئيس العراقي في غيبته الصغرى؟داود البصري

في ظل وضع, محلي واقليمي ودولي, هو القمة في الحساسية والتوتر, يبدو غياب الرئيس العراقي جلال طالباني عن المشهد السياسي العراقي امرا مثيرا للحيرة والتعجب! فالرجل بعد أن خرج منذ اشهر من العراق مريضا يطلب العلاج من الجلطة الدماغية التي اصابته في المانيا قد انقطعت اخباره ولم يعد بعد, بل ان هناك تقارير تزعم اختفائه من المستشفى الالماني الذي يعالج فيه!, فيما اصدر حزبه الاتحاد الوطني الكردستاني بيانا عاما وغامضا يقول ان الرئيس سيعود قبل نهاية العام بكامل صحته وعافيته! وهو بيان كما اسلفنا يتسم بالسذاجة والسطحية المفرطة! فالحقائق الميدانية تقول ان مرض الرئيس وهو في مرحلة عمرية متقدمة تضاف لها امراض السمنة والشيخوخة ومشتقاتها قد يمنعه ذلك من مزاولة مهماته الرئاسية وفي بلد متفجر ويعيش شعبه على خوازيق الفشل السلطوي, والصراعات الطائفية المدمرة, والعبثية كالعراق, كما ان غياب الرئيس العراقي وهو بصرف النظر عن اي اعتبارات وعوامل اخرى صاحب خبرة سياسية كبيرة ويحظى بعلاقات دولية متميزة قد ترك فراغا واضحا في قمة السلطة العراقية التائهة لم يستطع ملؤه ابدا نوري المالكي وطاقمه البائس من المستشارين الاميين, اما نائب الرئيس الوحيد الباقي بعد تطفيش الاستاذ طارق الهاشمي بالاتهامات الملفقة اياها, وهو الملا خضير الخزاعي فهو مجرد ظل باهت وسقيم لمجموعة ايرانية باتت تتحكم في سلطة المنطقة البغدادية الخضراء وتحولها مهزلة حقيقية, فالملا خضير وهو قائد للفرع الاشد ارتباطا بالنظام الايراني من حزب »الدعوة -  تنظيم العراق« ليس مؤهلا ولا مناسبا لتحمل اعباء المنصب الرئاسي في مشهد سلطوي قد طغت عليه الهيمنة الايرانية الصرفة واضحى فيه القرار السيادي العراقي خاضعا لمزاج الحاكمين في طهران وتحديدا في مكتب الولي الايراني الفقيه !, بكل تاكيد فان عودة جلال طالباني الى منصبه الرئاسي شبه مستحيلة وهي قصة يعرفها التحالف الكردي قبل غيره من الاطراف العراقية الاخرى, والخروج الدائم للطالباني من الحياة السياسية العراقية هو مسالة محسومة, ولكن المشكلة تكمن في البديل الرئاسي, فمن  سيكون الرئيس القادم؟
 بعض الاطراف الكردية عبرت صراحة عن رغبتها ان تكون زوجة السيد الطالباني وهي السيدة هيرو ابراهيم احمد الرئيسة البديلة مما يذكرنا بقصة الجنرال الارجنتيني خوان بيرون وزوجته التي اصبحت رئيسة من بعده ايفا بيرون! ولكن العراق ليس الارجنتين بكل تاكيد! والبون شاسع بين الشعبين والحالتين  ولكن العقدة الرئيسية في الموضوع تكمن في الارادة الكردية على تكريد منصب الرئيس!! بمعنى اقرار حالة التحاصص الطائفي والعرقي من خلال شيعية الوزارة الاولى وسنية رئاسة البرلمان وكردية منصب الرئاسة! اسوة بالحالة الطائفية السائدة في لبنان منذ عام 1943! وهي قضية عجفاء وملف شائك وحالة كريهة من المحاصصة تقسم البلد, وتلغي كل امل للتطور والنهوض, وتقيم حدودا بين طوائف الشعب وملله ونحله وتدوس باقدامها القذرة على مبدا دولة المواطنة!, ويبدو ان الصراع على منصب الرئاسة هو حالة عراقية مؤجلة في مسلسل طويل من الازمات المؤجلة والتي تنتظر الحلول من خلال التطورات الاقليمية والدولية وصعود وهبوط بعض القوى الاقليمية واعتمادا على انتظار نتائج حسم صراعات الكثير من الملفات الاقليمية والدولية, ولكن الشيء المؤكد هو ان العراق يمر بحالة شلل ستؤدي في نهاية المطاف الى موت سريري معلن, وان العملية السياسية قد فشلت بالكامل لكون الطبقة السياسية الحاكمة هي طبقة فاشلة اصلا وغير مهيأة لقيادة وادارة سوبر ماركت تجاري فكيف تدير بلدا مزدحما بمشكلات تاريخية واجتماعية ونفسية يعود بعضها الى ايام معركة الجمل عام 36 هجرية!
 الرئيس العراقي جلال طالباني خرج ولم يعد, وليس منتظرا ان يعود للقصر الجمهوري لبغداد  فيما يحسب التحالف الطائفي الايراني الحاكم حساباته الخاصة والمتعلقة بانتظار نتائج التغيير العاصف الاتي في دمشق والذي سينعكس بكل تاكيد على موازين القوى في العراق وبما سيفرز اوضاعا جديدة ومختلفة بالكامل.
 غيبوبة الرئيس وشلل رئيس الحكومة وتصاعد الصراعات العرقية والطائفية جميعها عناصر ستجعل من العراق بمثابة محطة انفجار اقليمية قريبة ومتوقعة, اللهم الا اذا حدثت المعجزة وتوحد الشعب العراقي حول قضية الحفاظ على الوطن من التقسيم والتشظي... وتلك مهمة مستحيلة دونها خرط القتاد على ما يبدو... والله اعلم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق