د. فهد الفانك
قبل سنتين أو ثلاث سجلت تركيا بقيادة رئيس وزرائها رجب طيب أردوغان نجاحاً في تحسين صورتها في العالم العربي،  وبدا أنها تتصدى لإسرائيل بحزم،  وتمثل نظاماً سياسياً واقتصادياً ناجحاً،  وتستحق ان تحتل مركز القيادة في الشرق الأوسط.
لم يكن الهدف التركي خدمة قضايا الأمة العربية،  فالمعروف أن الأتراك يتهمون العرب بالخيانة والغدر والإنقلاب عليهم بالتواطؤ مع القوى الغربية التي أسقطت الدولة العثمانية قبل حوالي مائة عام.
الهدف الحقيقي كان تحسين صورة تركيا في نظر الاتحاد الأوروبي،  فما زالت آمال تركيا تتعلق بالانضمام إلى الاتحاد الذي لم يقبلها حتى الآن لأنه لا يعترف بأن تركيا اليوم دولة ديمقراطية بالمقاييس الأوروبية.
تركيا تكتسب قوة تفاوضية وأهمية خاصة وجاذبية من جانب الاتحاد الأوروبي إذا كانت تملك نفوذاً قوياً في المنطقة،  وقادرة على تمثيل الاتحاد الأوروبي والمصالح الأوروبية في الشرق الأوسط.
هناك بطبيعة الحال حافز آخر للتقرب التركي من العرب وهو استنساخ علاقة التبعية التي امتدت لمدة 400 سنة من عهد السلطنة العثمانية. بل إنه يقال أن رئيس الحكومة التركية أردوغان يتصور نفسه كسلطان عثماني له حق السيطرة على غرب آسيا وشمال إفريقيا.
كل ما نجحت تركيا في بنائه من نفوذ أدبي في المنطقة إنهار بين عشية وضحاها. ليس بسبب تطورات كبيرة تهم المصالح التركية الحقيقية،  بل بسبب تصريحات استفزازية يدلي بها رئيس وزراء أهوج دون مبرر.
كيف تستطيع تركيا أن تحتفظ بالمكانة التي كسبتها في العالم العربي إذا أعلن أردوغان عداءه لأكثر من بلد عربي،  فهناك التدخل السافر في الشأن السوري الداخلي. وإذا لم يكن هذا كافياً فقد أطلق أردوغان تصريحات ساخنة ضد مصر،  وأعلن أن تركيا لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي تجاه ما سماه انقلاباً ضد شرعية حليفه محمد مرسي.
كان على أردوغان أن يعرف أن من يعادي مصر لا يستطيع إدعاء الصداقة مع العرب،  وأن عليه أن يترك شؤون مصر الداخلية للشعب المصري وعدم التنطح الاستعلائي لتفسير ما حدث واتخاذ موقف منه وكأن مصر ما زالت ولاية عثمانية.
من المحزن أن يقوم زعيم تركيا بنسف الصداقة وحسن الجوار مع الأمة العربية بسبب تصرفات هوجاء وكلمات غير محسوبة ينطق بها رئيس يوصف بالرعونة ويظن نفسه سلطاناً.