بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 13 سبتمبر 2013

الفلسطيني لم يبع أرضه -عمار الجنيدي


تُسوٍّق الدعاية الصهيونية بين الفينة والأخرى بما تملكه من سيطرة منقطعة النظير على وسائل الإعلام العالمية وبخاصة في أمريكا وأوروبا بأن اليهود يشترون من الفلسطينيين أرضهم ويعرضون وثائق البيع على الملأ، وتُعتبر هذه إحدى الوسائل التي تتبعها الوكالة اليهودية للضغط على فلسطينيي الداخل والشتات بأن حال من باع أرضه وهاجر ثم كوّن تجارة أو استثمارا في الدولة التي نزح إليها، وبالتالي يتنامى سوق الاتهامات والكره والتشكيك بعدالة القضية الفلسطينية برمتها، بينما تؤكد وثائق الوكالة اليهودية التي نُشرت بعيد قيام الدولة الإسرائيلية أن ما تم شراؤه وامتلاكه من الأرض الفلسطينية لا يتعدّى ال 5% من الأرض الفلسطينية، وأن نسبة الفلسطينيين ممن باعوا أرضهم - وبالوثائق - لا يتعدون 1.4% في ذاك الوقت.
الدعاية الصهيونية عندما تعرض هذه الوثائق فإنها تدين أصحابها فقط ممن باع أرضه المقدّسة، لا سيما أن الاتهامات بالرمي بالعمالة والخيانة والسمسرة وبيع الأرض مادة خصبة لتأجيج الرأي العام العالمي والعربي ضد الفلسطينيين واتهامهم بشتى التهم ومن ثم ملاحقتهم في إرجاء المعمورة بالسمعة والنبذ وإهدار الدم، لا سيما أن مثل هكذا تهم تُعمّ كل الشعب الفلسطيني، بينما من قام بالبيع هم قلّة ونفر غُرّر بهم، وهؤلاء هم الذين ينبغي ملاحقتهم وتعزيرهم ونبذهم.
ظلّت الحركة الصهيونية تشعر بمدى عجزها أمام الاستيلاء المباشر عن طريق الشراء من الفلسطينيين أيام الحكم العثماني وما بعده بسنوات قليلة، فقد سهّل حزب الاتحاد والترقّي بيع أراض خاصة وأميرية فلسطينية إلى الوكالة اليهودية بعد نجاحهم في تعديل بعض القوانين المانعة للبيع بعد سيطرتهم على السلطنة وعزلهم للسلطان عبد الحميد الثاني في العام 1909، ثم اكتملت سلسلة حلقات المؤامرة بمجيء الانتداب البريطاني الذي كان له الدور الحاسم في ضياع الجزء الأكبر من فلسطين عنوة بسبب وعد وزير الخارجية البريطاني ومنحه وعدا لليهود وطنا قوميا في فلسطين، فراحت الدعاية الصهيونية تروّج لأكذوبة أن الفلسطينيين باعوا أراضيهم بمحض إرادتهم لليهود، وتعمد إلى نشر سياسات مبنيّة على الشك والتخوين والتخويف بين صفوف الفلسطينيين متبعة أساليب وطرقا نفسية غاية في الاحتراف مستغلة ظروف وحاجة الناس المادية؛ مدعومة في ذلك كلّه بكل ما تحمله وتملكه وتسيطر عليه من سياسات التشويه والتزوير والدسّ على شعب فاضت عليه المٍحن والبلايا والحروب فطرد وشرّد من أرضه التي سرعان ما غيرت إسرائيل ملامحها حتى هوّدت كل ما فيها حتى التاريخ والأسماء لم تسلم من التهويد والأسرلة والعبرنة مما زاد على العرب والفلسطينيين آذى فوق أذاهم جرّاء سرقة أرضهم والتشهير بهم.
تنشط منظمات فلسطينية لمعاقبة أي فلسطيني يتورّط ببيع أرضه لليهود، فتفضحه أولا ثم تصرّ على مطاردته وذرّيته فهم مطلوبون بالدم والسُمعَة بتهمة الخيانة إلى يوم الدين، وهذا ما يجعل الكثير من الفلسطينيين يفكرون طويلا قبل ببيع أراضيهم
ويظل الهدف الأكبر هو ترويج سياسة مفادها أن اليهود لا يغتصبون الأرض الفلسطينية بل يشترونها من أهلها وأصحابها، فيكره الفلسطينيون أنفسهم أولا ثم يُرمون بالعمالة وبيع الأرض من قِبَل العرب والعالم كله..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق