بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

كرّهونا السياسة -حسان الزين


السياسة في لبنان في إجازة.
الأفرقاء جميعاً في إجازة، أو يضربون ضربات خفيفة، مثل المتعهدين والمقاولين، ليبقوا في المشهد وكي يقبضوا. 
والمواطنون مرتاحون. اللاسياسة أفضل عندنا من سياسة السياسيين. وسياسة السياسيين صارت لا سياسة. وإذ يأخذ السياسيون إجازة يجعلوننا نتوهم أنّ السياسة هي القاسية، وأنّ السياسة سبب المصائب. يجعلوننا نكره السياسة. وكأن السياسيين عندنا يتآمرون على السياسة.
ليس دفاعاً عن السياسة، لكنّها ليست إدارة مصالح السياسيين وحسب، ليست حروباً دائمة، ولا هي عدم الرؤية في الآخر إلا الاختلاف المذهبي والعقائدي والسلوكي. بل يفترض أن تكون العكس.
كرّهنا السياسيون السياسة، بعدما شوّهوها. كرّهونا أنفسنا وبلدنا ودولتنا. كرّهونا الحياة وجعلونا نستسلم لهم ونذهب إلى حروبهم. وإذ يأخذون إجازة نرتاح أو نسترخي متعبين ومؤجلين القلق.
قمة اليأس هذه. استسلام كلّي للقدر البائس. استسلام ليس فيه انتباه للواقع، ولا للخدعة اللاسياسية التي أُسرنا فيها. وكل منا يرتمي في أوجاعه وحده وكأن لا بلد مشتركاً نعيش فيه جميعاً.
كأن الحياة تدبير أمورنا الخاصة فحسب، بالواسطة وبالسلبطة، أو بـ«أقل الأضرار». كأن لا دولة ولا مواطنة، ولا سياسة للمواطنين.
هذا انتصار للسياسيين. انتصار للسياسيين أن نغدو بلا قيم وطنية ومدنية. انتصار للسياسيين أن نستسلم، وأن ننسى الحقوق والواجبات، أن ننسى السرقة والفساد، أن ننسى السياسة ونرتاح حين يأخذ السياسيون إجازة إقليمية ودولية.
انتصار للسياسيين أن ننسى أنهم نسونا وأن ننسى السياسة ونكرهها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق