بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

تمرين صباحي - حسن البطل


تداعيات على طريق بيرزيت ـ البيرة.. الالتفافي جداً: 
في المستوى المعرفي، البسيط والمباشر، يتحقق شرط الصدق "العشب أخضر؛ الثلج ابيض". 
المعرفة، في الطرح الموضوعي، أعقد قليلاً : "كل العمليات الذهنية خوارزمية بالمعنى الرياضي". 
.. سنصل الى المعرفة بالمعنى السجالي، المستقل عن شرط الصدق، والطرح الموضوعي، والعمليات الذهنية. هنا يتساجلون حول "معنى المعنى" كما يقول العلامة بوتنام (أليس كذلك يا حسن خضر؟). 
بين "ضاحية المعلمين" و"حارة المحاسرة "على طريق التفافي مبنى الجوال, يمكن ان يتحول المستوى المعرفي الى شرط صدق آخر: "الغبار ناعم" .. ودخان الدبابة (أو المجنزرة أو الجرافة المدرعة) قد يكون ابيض أو اسود. 
نحن، في هذا الصباح الاغبر، معنيون بالمستوى السياسي من المعرفة، على رغم ان أمامنا هذه المستوطنة، التي تُدعى "بيت ايل" مسكونة ببشر معنيين بمستوى ميثالوجي من المعرفة. يزعمون هم: "هنا تحدث ابراهيم مع ربه للمرة الأولى". 
تحدث جنود المجنزرات بمكبرات الصوت: "ممنوع التجول" الطابور يستمر في حركته باتجاهين: من ضاحية المعلمين قادما من مدينة البيرة، ومن حارة المحاسرة قادماً الى البيرة من قرى شمال رام الله. 
تحدث الجنود بشرط الصدق المباشر للغة الحصار: قنابل غاز بيضاء. صرخوا بشرط الصدق المباشر: قنابل صوتية .. انقطع طابور العابرين. ركضوا الى البيرة، او ركضوا بالاتجاه المعاكس متقهقرين. عدنا، اذاً، الى شرط الصدق، البسيط والمباشر: "الغبار ناعم".. والخرافات التوراتية خشنة جدا. 
الأم التي تحمل رضيعها. الطالبة التي تحمل كتبها. الفلاح الذي يحمل "تنكتي زيت" وصديقي الذي يتحمل وجع ضرسه، الذي لا ينام بالمضادات الحيوية. 
بال الناس مشغول بغير هذه المستويات المعرفية (من
الصدق المباشر، الى "معنى المعنى"). وهكذا، نسي مواطن حقيبة جيبه، مع هويته واوراقه وماله، على المقعد الخلفي. سيكون صباحه الأغبر صباحاً "معوكرا ً" على رغم الرذاذ: الخفيف الاول النهاري في هذا الخريف. 
صادفنا زميلنا جعفر صدقة في "الاتجاه المعاكس" لقد نسي هويته في بيته .. بادلناه تحية صباحية مغبّرة. وزميلنا احمد رفيق عوض مشغول بماذا يقولون في مقالة عدد السبت من "الايام" عن روايته الرائعة "القرمطي". 
شوفير على خط "الجلزون – المجنزرات" أي على خط بيرزيت - حارة المحاسرة، لديه جواب وقح وحسّي جدا، على المستوى الثالث من المعرفة (معنى المعنى Meaning of Meaning). راكب فوق السبعين، سمع حواراً بين شوفير على خط المجنزرات - البيرة وآخر على خط "الجلزون – المجنزرات": الجنود يطلقون ، يطخطخون الرصاص في الهواء، قال العجوز للسائق: "انزلني". قال له السائق الوقح. بكل بلادة احساس معرفية : "طيب. بعد السبعين عن ايش سائل " ! 
صديقي سائل عن طبيب (طبيبه الخاص!) لحشوة ضرسه الملتهب، وأنا سائل عن تمرين صابونة ركبتي بهذا المشوار الصباحي الاغبر.. وصديقنا في بيرزيت يعدّ دراسة عن كتاب اللغويْين جورج لايكوف.. ومارك جونس حول "الاستعارات التي نحيا بها". استعارات عن الدرجات المعرفية، بدءاً من صدق "العشب الاخضر" الى "كل العمليات الذهنية خوارزمية بالمعنى الرياضي".. فإلى "معنى المعنى". 
الغاز أبيض حقاً، لكنه لاذع ودامع، وقنبلة الصوت مدوية ومرعبة للرضيع الذي يغفو على كتف امه، لكنها لغة تخاطب الجنود مع طابور العابرين المتسللين. 
بماذا حدّث سيدنا ابراهيم ربه في موقع "بيت ايل" قبل ثلاثة آلاف عام؟ 
لماذا يقولون: "عاد يجرجر أذيال الخيبة" ؟ لأن هذه استعارة أخرى في اللغة، مثل "عاد بخفي حنين". 
جنازير الدبابة والمجنزرة والجرافة المدرعة مغبرة .. واحذيتنا مغبرة (وأرواحنا) .. والعشب الاخضر مغبر ايضا، والسلام المراوغ مغبر بدوره .. وكل هذه الحقائق يتحقق فيها شرط الصدق البسيط، المباشر، ولا يتحقق فيها شرط المعنى، لأن العمليات الذهنية التي توصلنا الى "معنى المعنى" متموضعة بطريقة مضحكة: حيث حدّث ابراهيم ربه اقاموا مستوطنة مع كل شروط القوة العابرة، وزرعوا حولها شرط الصدق "العشب الاخضر".. ولنا شروط (فاحشة) لصدق فاحش: الغاز المدمع ابيض ولاذع. حديد الدبابة اخضر وغابر.. وغبار الطريق الوعر بني وناعم .. والحصار عابر! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق