بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 7 سبتمبر 2013

حزب الله يواجه أوقات عصيبة -ماثيو ليفيت


حذر السيد ماثيو أولسين رئيس المركز القومي الأمريكي لمكافحة الإرهاب في يوليو/تموز عام 2012 من أنه على الرغم من عدم استهداف إيران وحزب الله لأي أهداف داخل الولايات المتحدة الأمريكية حتى الآن، إلا أن ذلك الأمر قد يشهد تحولاً عما قريب. كما أضاف قائلاً "نحن نرى توجهاً عاماً تصاعدياً في درجة حدة الأنشطة حول العالم"، وأضاف "فقد أظهر كل من حزب الله وقوة القدس الإيرانية قدرتهم على التحرك بشكل أساسي على مستوى العالم".

في الحقيقة اختفى خطر القاعدة نفسها أحياناً وراء التهديد النابع من كل من حزب الله وقوة القدس. فيقول ماثيو أولسن "هناك أوقات نقدم فيها إلى البيت الأبيض تقارير إحاطة [حول تهديدات الإرهاب] ويأتي حزب الله أو إيران على رأس القائمة]".
فضلاً عن أن حزب الله لا يزال أيضاً يُمثل قوة تعمل على زعزعة الاستقرار في موطنه في لبنان حيث يرفض تسليم ترسانته الخاصة من الأسلحة إلى الجيش اللبناني على الرغم من الانفجارات المتكررة التي تقع للأسلحة المخزنة بشكل غير صحيح والتي يروح ضحيتها مواطنون لبنانيون. وفي توضيح للسيد محمد يزبك عضو مجلس الشورى في أكتوبر/تشرين الأول عام 2012 قال "إن سلاحنا بمثابة الدم الذي يجري في العروق" حيث وعد بعدم تسليم سلاح الحزب "مهما كان الثمن".
هذا وكان أيضاً لثبوت التهم الموجهة إلى أربعة أعضاء من حزب الله باغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري فضلاً عن حلقات العنف الطاحنة بين السنة والشيعة في بيروت الغربية في عام 2008 الأثر البالغ على شعبية الجماعة داخل موطنها. استندت الحكومة في نيوزلندا عند وضعها الجناح العسكري لحزب الله على القائمة السوداء في عام 2012 على "عملية مخططة مسبقاً ومنسقة بشكل محكم" للسيطرة على بيروت الغربية إضافة إلى استخدام الجماعة للبنادق الآلية والقذائف الصاروخية في حروب الشوارع.
إلا أن تلك الأنشطة الخاصة بالجماعة والتي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في سورية منذ اندلاع الثورة في عام 2011 هي التي أدت إلى "سقوط قناع الفضيلة من على وجه حزب الله" وفقاً لرؤية أحد الصحفيين في لبنان.
ففي غضون أسابيع فقط من اندلاع الثورة، دعا حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله بنفسه جميع السوريين إلى الوقوف بجانب نظام الأسد. وفي الوقت الذي صدرت فيه تقارير في شهر مايو 2011 تشير إلى أن قوة القدس الإيرانية كانت تساعد النظام السوري على قمع المتظاهرين المناهضين للحكومة، نفى حزب الله ضلوعه "بأي دور عسكري في الدول العربية". إلا أنه – وفي الشهر الذي يليه – سمعنا المتظاهرين السوريين وهم يهتفون - ليس فقط لسقوط الأسد - بل أيضاً ضد إيران وحزب الله وذلك فضلاً عن ظهور مقاطع فيديو تُظهر المتظاهرين وهم يحرقون ملصقات لحسن نصر الله.
وطبقاً لأحد المسؤولين رفيعي المستوى المنشقين عن النظام في وزارة الدفاع السورية فإن الأجهزة الأمنية السورية لم يكن في مقدورها التعامل مع الانتفاضة بمفردها. وأوضح قائلاً "إنهم لم يكن لديهم ما يكفي من القناصة أو المعدات". ثم أضاف قائلاً "لقد كانوا في حاجة إلى قناصة مؤهلين من حزب الله وإيران".
وبمرور الوقت، عانى حزب الله بشكل متزاي
د من أجل إخفاء دعمه لنظام الأسد على الأرض. في أغسطس/آب عام 2012، وضعت وزارة الخزانة الأمريكية حزب الله على القائمة السوداء – حيث كان بالفعل على قائمة الإرهاب بالوزارة - إلا أن تلك المرة كانت لتوفيره الدعم لنظام الأسد. وتوضح وزارة الخزانة أنه - ومنذ بداية الثورة - ظل حزب الله يقدم "التدريب والمشورة والدعم اللوجستي الشامل لتحركات الحكومة السورية القاسية والمتصاعدة" في مواجهة المعارضة.
سارت معظم الجنازات الخاصة بمن قُتلوا أثناء الصراع بشكل هادئ حيث عمل حزب الله على محاولة إخفاء مدى تغلغل أنشطته في سورية إلا أن الأخبار بدأت في التسرب. فصدرت تقارير في أغسطس/آب عام 2012 تُفيد بحضور برلمانيين تابعين لحزب الله لجنازة القائد العسكري موسى علي الشحيمي الذي "قُتل أثناء قضائه لواجبه الجهادي". تلا ذلك بأسابيع قليلة مقتل قائد عسكري آخر من حزب الله – ألا وهو علي حسن ناصيف - والذي قُتل في سورية مع اثنين من الحراس الشخصيين "أثناء قضائه لواجبه الجهادي" هو الآخر طبقاً لصحيفة تابعة لحزب الله.
هذا وصدر تقرير من الأمم المتحدة بعد شهرين يؤكد على أن أعضاء من حزب الله كانوا متواجدين في سورية يقاتلون لصالح حكومة الأسد. في خضم هذه المخاوف المتصاعدة من احتمالية التهام النزاع في سورية للمنطقة بأسرها، أقام حزب الله معسكرات تدريب بالقرب من مستودعات الأسلحة الكيميائية السورية في نوفمبر عام 2012. وطبقاً لتصريح أحد المسؤولين الأمريكيين رفيعي المستوى فإن "المخاوف من احتمالية وقوع تلك الأسلحة في الأيدي الخاطئة هو شغلنا الشاغل".
لطالما صور حزب الله نفسه على أنه قوة طليعية تقف مع المقهورين في وجه الظلم. ومن هنا عرَّض دعمه لنظام سورية العلوي الوحشي في مواجهة المعارضة التي يغلب عليها السنة تلك الصورة التي طالما روج لها لخطر السقوط. إلا أنه – وفي النهاية – طغت الضرورة الاستراتيجية التي تقضي بالحيلولة دون سقوط نظام الأسد – والذي إذا استبدل بنظام يُمثل الأغلبية السنية بالبلاد فسيكون على أقل تقدير أقل صداقة بكثير لحزب الله بل وربما يعارضه بشكل كامل – على الحاجة إلى المحافظة على تلك الصورة الخاصة بالحزب.
كما أدت المشاكل المالية إلى زيادة وضع حزب الله تعقيداً.
حيث صدرت تقارير تفيد بمضاعفة إيران لتمويلها لحزب الله مع تدفق الإيرادات جراء الارتفاع الشديد في أسعار النفط حتى يستطيع حزب الله تحمل التكاليف المتزايدة بشدة في محاولته لإعادة بناء نفسه بعد حربه في عام 2006 مع إسرائيل. هذا وتم توجيه التمويل نحو تحقيق غايات حزب الله غير المسبوقة في بعض المجالات مثل إعادة تجديد موارده من الأسلحة والاستثمار في إعادة البناء ودفع ثمن تأييده بين كل من الطوائف المختلفة والمدن والقرى اللبنانية التي وقع عليها الضرر أثناء الحرب. كما كانت الانتخابات اللبنانية في عام 2009 مكلفة هي الأخرى حيث كان حزب الله في حاجة ملحة ومتزايدة للحصول على الدعم من أجل المنافسة أمام خصومه السياسيين السنة الممولين من المملكة العربية السعودية. ذكر أحد التقارير أنه بحلول موعد الانتخابات، كان هناك زعم بتعهد إيران بإرسال مبلغ يصل إلى 600 مليون دولار إلى حزب الله وذلك من أجل حملته الانتخابية. كما قدرت مصادر إسرائيلية في السنوات القليلة الماضية حجم ما قدمته إيران لحزب الله كمساعدات عسكرية مباشرة بحوالي 1 مليار دولار تقريباً.
وظف حزب الله مدعوماً بهذا التدفق من الأموال الإيرانية المزيد من الأفراد واستثمر في مزيد من البرامج معتقداً استمرار هذا الدعم الكبير. إلا أنه في الوقت الذي أقلم فيه حزب الله نفسه على وجود ميزانية ذات حجم أكبر، أصبحت القدرة على الاعتماد على إيران كمتبرع أقل بصورة كبيرة. فبحلول منتصف عام 2009، انخفضت أسعار النفط لما يقرب من 36 دولار للبرميل وظلت دون مستوى 60 دولاراً حتى شهر مايو/أيار مما أثر بالسلب بشكل كبير على عائدات إيران النفطية. فضلاً عن أن العقوبات الدولية الخاصة بالبرنامج الإيراني النووي في الوقت ذاته أصبحت أكثر صرامة. مثل تلك العوامل مجتمعة مع سياسات الدعم التي أثقلت كاهل إيران للبضائع الأساسية إلى جانب التضخم الشديد قد أعاق النمو الاقتصادي الإيراني بشدة.
كما أجبرت الضغوطات الاقتصادية على إيران - طبقاً للاستخبارات الإسرائيلية - النظام على التقليص المؤقت والكبير لحجم ميزانيته السنوية الخاصة بحزب الله بنسبة تصل إلى 40% في مطلع عام 2009، ونتيجة لذلك، اضطر حزب الله إلى سن إجراءات تقشفية وخفض الرواتب وتعليق العديد من مشاريع البناء. وقد قلق أعضاء حزب الله على مناصبهم كما قلق منتفعو حزب الله على المنح التي يتلقونها. وأصابت التخفيضات اللاحقة التنظيم بالاضطرابات داخلياً حيث وُضعت بعض البرامج والأنشطة على رأس الأوليات متخطية غيرها.
اضطر حزب الله بعد ذلك التقييد المفاجئ الذي تلا أعواما من التمويل الإيراني السخي إلى الاتجاه إلى مؤسساته الإجرامية الموجودة بالفعل من أجل دعم أصوله. وينظر التنظيم إلى دخله الوارد من هذه المؤسسات غير الشرعية كضرورة من أجل تقديم الخدمات الاجتماعية لرقعة الناخبين اللبنانيين الآخذة في التوسع إلى جانب الإنفاق على أسر مقاتليه والاستثمار في ترسانته المتنامية من الصواريخ والأسلحة الأخرى المتطورة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق