بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 23 سبتمبر 2013

الإسلاميون والمرحلة القادمة -.رحيل محمد غرايبة


تحمل المرحلة القادمة في ثناياها مؤشرات وإرهاصات خطيرة ومرعبة، تخص الإسلاميين أولاً، وتخص الشعوب العربية كاملة بوجه حقيقي، وتخص الأجيال القادمة، ومستقبل الأوطان ومستقبل الديموقراطية، مما يحتم على الاسلاميين وكافة القوى السياسية ضرورة التوقف، والنظر، والبدء بمحاولة إعادة قراءة المشهد بكل تجلياته.
 طول أمد الصراع الدموي على أرض سورية، أدى الى تحول كبير في اتجاه البوصلة التي كانت ترشد التحرك الشعبي قبل عاميّن، وطرأ تغيّر كبير في خارطة الصراع، وتعقد المشهد السياسي  وتعددت الاختراقات الدولية القادمة على روافع الدعم المالي والتزويد بالسلاح، واصبح هناك تباينات خطيرة بين مكونات الفريق المقاوم، مما أدى الى تعدد الرايات بشكل حتمي مشهود، أدى الى ارتباك واضح وشديد في مواقف المجتمع الدولي، انعكس ذلك سلباً على مستقبل سوريا الدولية، ومستقبل الشعب السوري بكل اطيافه واتجاهاته.
 الحدث الآخر يتمثل بالتحول الكبير الذي طرأ على المشهد المصري والانقلاب الجذري على المسار الديموقراطي كله، تحت ستار التخلص من الاسلام السياسي، الذي أصبح (فزاعة) مرعبة لأطراف كثيرة في الداخل والخارج.
نحن الآن أمام حقيقة ناصعة كالثلج الأبيض تحت وهج الشمس، التي تكاد تؤذي العيون، مما يضطرها للاغماض، أو احتمال إصابتها بالرمد الثلجي، الذي يحجب الرؤية، تتمثل هذه الحقيقة بولادة معالم توافق دولي جديد على مواجهة الإسلام السياسي، الذي اختلط بالاتجاهات الاسلامية العنفية المتطرفة التي تنمو بسرعة وبطريقة متشعبة على حساب الاتجاهات المعتدلة، التي تحاول جاهدة رفع صوتها المخنوق الذي يطالب بخطاب ديني متسامح ومنفتح وقادر على تقديم أطر واسعة تستوعب التعددية وافرازات الحرية بكل معانيها وتجلياتها.
 يجب أن يدرك الاسلاميون معالم التناغم بين امريكا وروسيا وما يتبع لكل قطب منهما من فروع وتحالفات وقوى إقليمية مؤثرة، ويجب قراءة التحول الواضح في إعادة رسم طريقة التحالفات الدولية التي تظهر في الخطاب الإيراني الجديد، الذي يشي بقلب صفحة جديدة، يكون العرب هم مادة الصراع، والإسلام السياسي هو الضحية.
أخطر مظاهر المشهد التي تستدعي القراءة هي محاولة جعل حركات الإسلام السياسي، وكأنها طوائف منعزلة عن المجتمع، يسهل محاصرتها ويسهل مقاومتها، وتدمير منجزاتها على صعيد الشعبية والجماهيرية التي تم بناؤها عبر سنوات طويلة.
الاسلاميون ينبغي أن يتخلصوا سريعاً من هذا الفخ، ويعيدوا بناء خطاب جديد يعبر عن إعادة اندماجهم بالنسيج  الشعبي وأنهم ليسوا طوائف من الأمة منفصلة عن جسمها ومنعزلة عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.
يحتاج هذا التحول الى قادة من طراز رفيع، قادرين على التخلص من خطاب الفقاعات والاستعراض والبحث عن الأضواء والمجد الشخصي على حساب مستقبل الشعوب وعلى حساب مستقبل الاسلام كله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق