طاهر العدوان
الرئيس الأميركي ووزير خارجيته أكدا بان الضربة العسكرية لسوريا ستكون محدودة،  محددة الأهداف وهي لا تستهدف إسقاط النظام ولا الدخول في حرب مفتوحة وليست كالتدخل في أفغانستان والعراق وليبيا. غير انهما،  اوباما وكيري،  لم يتحدثا عن (رد الفعل السوري المحتمل) ولا عن (الاحتمالات المتعددة) لما بعد الضربة وتأثيراتها على المنطقة.
من تحدث عن ذلك هم الروس والإيرانيون الذين حذروا من انها ستؤدي الى إشعال المنطقة،  لاريجاني قال «ان أميركا تستطيع ان تبدأ الحرب لكنها لا تستطيع ان تحدد نهايتها»،  اما النظام في دمشق فقال بان سوريا سترد على العدوان عليها فيما لاذ حزب الله بالصمت ولم يصدر منه أي تعليق او تهديد.
الضربة العسكرية المتوقعة وبما انها محدودة ولن تشارك فيها وحدات قتالية على الارض ستكون من نوع (حروب الاتاري) التي تدار عن بعد وأدواتها صواريخ كروز وتوما هوك،  وهي حرب ليست غريبة على المنطقة،  لقد استخدمت ضد لبنان في الثمانينات واستخدمت ضد العراق وهي لم تعط نتائج حاسمة.
لكن الوضع مع ذلك يحمل في طياته احتمالات شتى قد تجعل من كلام الروس والإيرانيين عن ان الضربة تهدد بإشعال المنطقة أمراً وارداً،  وقد يحدث فعلا من التطورات على الارض نتيجة القصف الأميركي ما يخلق وضعا خطيرا سيهدد بالفعل بإشعال حرب تطال دولا غير سورية.
من هذه الاحتمالات: ان توقع الضربة دمارا كبيرا في عصب القوة الرئيسية للنظام بما يحدث خللا كبيرا في توازن القوى لصالح الجيش الحر وما يعني ذلك من تهديد حقيقي بإسقاط النظام ليس اليوم ولكن بعد حين،  عندئذ تكون مراهنات أميركا وحلفاءها بان الأسد لن يرد عبر الحدود او داخلها ليست في محلها.
كما ان الأمر يختلف في سوريا اليوم عنه في عراق نهاية التسعينات عندما وجه كلينتون هجمات قوية بالتوما هوك على بغداد لصدام حسين الذي لم تكن عنده آنذاك معارضة مسلحة تقاتله في بغداد والمحافظات لهذا استطاع امتصاص الضربات الصاروخية التي امتدت أياما، الأسد يواجه معارضة مسلحة في دمشق وكل الأراضي السورية وهو بالتالي لن يحسب خسارته بحجم ما يفقد من معدات قتالية انما بمدى ما ستؤثر على قدرة نظامه في البقاء بعد الضربة.
اما الاحتمال الآخر الذي لا يقل أهمية عن موقف حزب الله وإيران،  فبعد انتشار الآلاف من قوات الحزب ومن فيلق القدس في سوريا فانه سيكون لهما نصيب من الخسائر نتيجة الهجوم الأميركي وهي خسائر ذات أبعاد استراتيجية وسياسية تتعلق بمستقبل الحزب في لبنان وخطر فقدانه للحليف السوري وما يمثله من جسر لإمدادات ايران العسكرية له.
الحديث الأميركي عن ضربة محدودة ونظيفة تبدأ بتوقيت وتنتهي بآخر لا يستقيم مع تعقيدات الوضع السوري والإقليمي،  والخشية ان يكرر الأميركيون ما فعلوه في أفغانستان والعراق،  فهم ماهرون في التدمير وإشعال الحروب لكنهم فاشلون في وضع نهايات سعيدة لها،  وكل ما يقدرون عليه بالنهاية هو الانسحاب من الوضع وترك الفوضى والخراب جاعلة أوضاع ما قبل تدخلهم افضل ألف مرة منها بعد تدخلهم.
كل من يراقب اوباما عندما يتحدث عن رد على استخدام الكيماوي في سوريا يراه مترددا ومرتعشا،  والخشية ان من سيدفع الثمن بالنهاية هو الشعب السوري وشعوب المنطقة لان هذا النظام العالمي لم يعد قادرا،  مثله مثل الجامعة العربية، على حماية الشعوب العربية وسط الانقسامات السائدة في مجلس الامن حتى إزاء خطر بهذا الحجم،  أي خطر استخدام السلاح الكيماوي والتهديد به.