بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 3 مايو 2014

الرواية العربية تتحدى الحرب - محمد علي فرحات

الاثنين 28/4/2014: إبراهيم العريس
قدّم ابراهيم العريس نفسه ناقداً سينمائياً بعدما مارس مبكراً أعمالاً تقنية تتصل بالإخراج معايشاً السينما العربية من داخل، لكنه كان حريصاً على الحضور في غير مجال ثقافي: الترجمة التي قدم من خلالها للعربية أعمالاً فكرية اساسية، والكتابة في النقد الأدبي والفني وفي القضايا السياسية أفكاراً وأحداثاً.

هذا الرجل الذي يشبه كتاباً صار يشبه قرصاً مدمجاً، لكنه لم ينس الحياة، فعايش مفكرين وأدباء وفنانين، وكان ولا يزال حاضراً في مقاهي المبدعين وفي ندواتهم ومهرجاناتهم في العالم العربي وأوروبا.
وحين أدار العريس صفحات ثقافية في بيروت وباريس كان يحرص على تقديم حركة الثقافة الأجنبية بهدف توسيع الاهتمام وحقل الذاكرة.
في الشأن السينمائي تصدر له عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت موسوعة في ثلاثة مجلدات يجمعها العنوان «السينما والمجتمع في الوطن العربي».
وفي الشأن الثقافي العام يتولى مركز الشيخ ابراهيم بن محمد آل خليفة في البحرين نشر موسوعة «تراث الإنسان» في 12 مجلداً وزّعها المؤلف على العناوين: تاريخ السينما في 100 فيلم- ألف عام من الأوبرا- من الفكر السياسي- من الفن التشكيلي- من الفلسفة- من الموسيقى- من الرواية- من المسرح- من الشعر- من الحياة الأدبية- من التراث العربي الإسلامي- من العمران.
جهد يذكّر برواد التنوير العربي ويجمع بين دقائق الاختصاص وعلاقة الموضوع بما يماثله في مجالات المعرفة وبما يؤثر فيه في المجال الاجتماعي. والمؤلف الزميل الذي حرص على تحية «الحياة» لنشرها القسم الأكبر من مادة الموسوعة ووزير الثقافة البحرينية الشيخة مي آل خليفة التي احتضنت مشروع نشر الموسوعة، يضع مادة معرفية جذابة ومتنوعة في متناول القارئ العادي بما يوسّع قاعدة الثقافة الإنسانية لدى العربي الذي لا تقدّم له الحياة اليوم سوى ضيق الأفق.

> الثلثاء 29/4/2014: بوكر للرواية العربية
جائزة بوكر العربية في دورتها السابعة، منحت للعراقي أحمد سعداوي عن روايته «فرانكشتاين في بغداد» (منشورات دار الجمل- بيروت، بغداد)، وسبق لسعداوي أن شارك في ورشة إبداع نظمتها الجائزة للكتّاب الشباب عام 2012، كما اختير ضمن أفضل 39 كاتباً عربياً تحت سن الأربعين في المشروع الروائي «بيروت 39» عام 2010.
تكرست بوكر العربية بتحريكها الإبداع الروائي العربي وقراءته، في فترة عصيبة من الحرب والتفتت ومفترقات الحلم والخيبة، كما يعود إليها الفضل في التبادل الثقافي بين العرب والعالم لأن الروايات الفائزة بالجائزة أو المدرجة على قوائمها القصيرة منذ العام 2008 ترجمت إلى حوالى 20 لغة.
شعلة أمل يستحق صانعوها وحاملوها تحية، خصوصاً مع تراجع حوافز القراءة والكتابة في عالمنا العربي، ليس فقط بسبب الأمية الألفبائية، إنما للانحطاط الثقافي والاكتفاء بالكودات المقدسة لخطاب التعصب والتحامل الذي يصل الى متلقين كسالى عبر التلفزيون والوسائط الإلكترونية المتطورة. ولا ننسى مصادرة رجال الدين للإيمان والهبوط به إلى الصراعات الدموية العمياء، فهم يقدّمون رؤيتهم للدين على أنها المعرفة الكاملة أو ام المعارف، وما عداها مشاغبة أو مظنة للحيد عن الهداية.
نسأل هنا ونبحث عن الجواب: هل النسخ المطبوعة للروايات العربية في القوائم القصيرة لبوكر العربية تشجع على الجهد الذي يبذله الكتّاب وإدارة الجائزة، أم ان الروائي العربي في زمننا الملتبس مثل مصنع أجنبي يقام عندنا لرخص الأيدي العاملة ووجود أجواء للكتابة تجدد ما استهلكته الآداب الأوروبية؟ ليس السؤال لتثبيط العزائم بقدر ما هو تأكيد الأهمية المتعاظمة لجائزة تشجع إنتاج أدب متقدم في مجتمعات متخلفة وتبدو سعيدة بتخلفها.

> الأربعاء 30/4/2014: حب وموت
المرأة والرجل. ماذا بعد؟ الموضوع كلاسيكي لكنه لا ينفد. الحب. طبيعة الطبيعة. الحاضر حتى في الحروب، حتى لدى العبيد والسبايا.
الرجل والمرأة. ثمة عطب في اللقاء. الحماية غير المتحققة. من منهما يحمي الآخر؟ فجأة، المرض والعزلة وما لا رادّ له. ربما النجاة في مكان آخر، في زمان آخر. السفر إلى حب بلا لغة. معرفة الحبيب(ة) عميقاً بامتناع اللغة. التواصل بالإحساس، بحركة اليدين ولمعة العينين، بالابتسامة، وبالبكاء أحياناً.
ايضاً الرجل والمرأة، ضد الموت. كيف نقلّد الطبيعة، نؤسس لغيابنا بأطفال لم يرغب فيهم أبو العلاء المعري. أراد إسدال الستارة على العالم. قال: يكفي إلى هذا الحد، لكنه لم ينجح. غاب المعري وبقي بشر لا يستحقون.
لمن يكون هذا الذهب؟ وحده يلمع بين كثبانِ رملٍ تحمل لونه. الرمل لا يلمع.
لا تتركي البيانو في البيت، خذيه بعيداً مع أشيائك الخاصة.
بيانو الرجل الفرنسي ليس لي، ليس لبيتي. خذيه أو اتركيه يتشقق تحت المطر والشمس.
هكذا ننفصل بلا احتفال، بلا ندم. والأغنية بعد منتصف الليل، كلماتها أقنعة لنعبّر عن آخر نفترضه ونترك أنفسنا في الصمت.
ننفصل، امرأة بلا رجل ورجل بلا امرأة، وفي شوارع مدينتنا مغنون خارج ذواتهم وشعراء يلعبون بالكلمات. لم يولد التعبير الصادق بعد. موجود ولن يولد، لئلا يقف العالم أمام المرآة، لئلا نصاب بالرعب.
إلى مَنْ ترحل وإلى أين؟
نرسم هذا الاقتراح: وحيد (أو وحيدة) في صحراء والشمس مسمار في الرأس، والنسور تهبط من أعاليها الى الطريد(ة) التائه. نسورٌ رمادية في سماء بلا غيم. طيور ولكن، كاسرة، طيور ما قبل الحدائق والزقزقات. والموت هنا في شكله البدائي الفج.
ولكن، لماذا النهاية السريعة؟
إنها كسل الكاتب حين يضجر ويقتصر على نقطتي البداية والنهاية مهملاً الحكاية الفاصلة. يرى في الإنسان مشروع غياب لتبقى الطبيعة حرة وإلى الأبد، تطلق وحشيتها بلا حاكم ولا رقيب، تطلقها بلا هدف.

> الخميس 1/5/2014: فارغاس يوسا
يسير الروائي البيروفي ماريو فارغاس يوسا ضد التيار اليساري الذي ينتمي إليه معظم كتّاب أميركا اللاتينية، وبصفته اليمينية سبق أن ترشح في انتخابات الرئاسة في وطنه بيرو وخسر.
وتلقى يوسا انتقاداً حاداً خلال اشتراكه أمس في ندوة في بوغوتا (كولومبيا)، ووصل الأمر بأحد الحضور إلى تمزيق مؤلفات للكاتب الحائز جائزة نوبل للآداب، مندداً بمواقفه اليمينية وبعلاقته مع الرئيس الكولومبي السابق ألفارو أوريبي ذي التوجهات المحافظة. كان رد فعل يوسا هادئاً إذ خاطب ممزق مؤلفاته قائلاً: «أُصرخ وزمجر ومزق الكتب. شكراً وأتمنى لك العمر المديد. لقد حِلْتَ دون أن يكون النقاش مملاً». هذا الحادث أعاد إلى الأذهان خلاف يوسا مع غبريال غارسيا ماركيز الذي رحل قبل أيام، لأن هذا الأخير كان صديقاً لفيديل كاسترو. ويبدو أن يوسا أزاح من الأذهان فكرة أن الكاتب اليميني محدود وفاشل وعاجز عن الاتصال بعصب المجتمع وبالبيئات الشعبية، فأعماله القصصية والروائية لا تقل انتشاراً عن أعمال مجايليه في الرواية الأميركية اللاتينية، بل أن آفاقها تتجاوز قيود الالتزام التي تحكم كتابات اليساريين وتحدّ من خيالهم في كثير من الأحيان.
يقول في «رسائل الى روائي شاب»: الكاتب الذي يخدم أي حقيقة أخرى غير التي يجب اكتشافها هو كاتب غير ناجح.
وورد في خطاب تسلمه جائزة نوبل للآداب:
«من دون الروايات نصبح أقل وعياً لأهمية الحرية التي تجعل الحياة معيشة حقاً، وحين يصبح الجحيم - الذي يتكون حين تداس هذه الحرية بأقدام الطغاة - فكرة إيديولوجية أو ديناً.
ليتساءل أولئك الذين يشكّون بالأدب، الذي يغرقنا بحلم الجمال والسعادة، الذي ينذرنا باضطراد تجاه كل اشكال الهيمنة، ليتساءلوا لِمَ تخشاه كل الأنظمة المنهمكة بمراقبة سلوك مواطنيها من المهد إلى اللحد، إلى درجة أنها على أهبة تشييد أنظمة رقابة كي تقصيه، كما أنها تراقب بكثير من الارتياب الكتّاب المستقلين. في الواقع، تعرف هذه الأنظمة جيداً، أن المجازفة بترك المخيلة طليقة في الكتب تجعل الروايات أدوات تحريض كبيرة، وذلك حين يقارن القارئ بين الحرية - التي أتاحتها له القراءة بانتشارها - وبين الظلامية والخوف اللذين يؤرقانه في العالم الواقعي.
سواء رغِبوا في ذلك أم لم يرغبوا، عَرفوا ذلك أم لم يعرفوا، يعبّر القصّاصون، حين يبدعون عن عدم رضاهم، بإظهارهم ان العالم صُنع بطريقة سيئة، وأن حياة المتخيل أغنى من الرتابة اليومية. وإذا تجذّرت هذه البديهية داخل الحساسية والوعي، فسوف تجعل المواطنين أكثر قدرة على المجابهة، على عدم قبول أكاذيب أولئك الذين يرغبون في إقناعنا بأنهم يعيشون بشكل أفضل وبطمأنينة أكبر، بين القضبان، ووسط محاكم التفتيش والسجانين».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق