بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 أغسطس 2013

المسؤول ونبض الشارع -حسين الصدر





1-كان بعض الملوك والسلاطين – قديماً - يتنكرون، ويخرجون الى الشارع لئلا يعرفهم أحد، بل ليعرفوا ما يدور بين الناس، وما الذي يُشغل بالهم، وما الذي يتوقعونه من حكّامهم في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لم يكونوا يكتفون بما يرفع اليهم من تقارير المخبرين الذين يبثون في عرض البلاد وطولها.
وهناك ركام من الحكايات والروايات في هذا المضمار، وسواء صحّت تلك الحكايات أم كانت من الأساطير، فانها تشير الى مسألة ذات أهمية بالغة، وهي وجوب إحاطة المسؤولين بالحقائق مجردة عن الرتوش، والمجاملات والأرقام الكاذبة.
إنّ ما يُبنى على المعلومات المكذوبة لايُكتب له النجاح على الإطلاق!!
وهذا ما انكشف عن الأرقام التي كان يرفعها " الشهرستاني" الى مسؤوله الأعلى!!
وحين سُلطت الأضواء على هذا الجانب ،بدأ الرجل يعاني من أزمة خانقة ، ضيّقت الخناق عليه ،ودفعت بعض وسائل الإعلام لإشاعة خبر عزمه على الاستقالة ، ولكنه سارع الى نفيها، وكأنه يستطيب البقاء في الموقع مهما كانت الأوضاع التي يواجهها حراجةً وصعوبة .
ولم يكن (الشهرستاني) موفقاً حين غاب عن جلسة مجلس النواب التي أعلن عن أنها ستستضيفه حول أدائه المرتبك، بحجة عدم وصول التبليغ الرسمي.!!
ان هذا الغياب فتح الباب على مصراعيه، لتزايد المؤاخذات عليه، واتساع الاحتمالات السلبية، بينما كان الصواب ان يبادر ويُطلع مجلس النواب على ما يملك من أدلة لاثبات سلامة موقفه ان كان يملك شيئاً منها.
وعلى كل حال فان المسألة ليست بجديدة!
لقد قدّم ستون عضواً من أعضاء الجمعية الوطنية المنتخبة في كانون الثاني 2005 ، يطالبون بتنحية " الشهرستاني " عن موقع النائب الاول لرئيس الجمعية الوطنية، بعد أن ظهر عجزه عن القدرة على النهوض بمتطلبات ذلك الموقع.
ان التفوق العلمي في اختصاص معيّن لا يعني بالضرورة التفوق في العمل السياسي أو الإداري. وهما تكمن المشكلة .

2 - 

واليوم ، ونحن في الألفية الثالثة، نجد ان بعض المسؤولين في دول العالم، يتنكرون أيضاً، وينزلون الى الشارع لمعرفة نبض الشارع، والوقوف على هموم الناس الحقيقية، بغية اتخاذ الإجراءات المناسبة لرفع معاناتهم .
وآخر الأخبار في هذا السياق ما قرأناه يوم الثلاثاء 13/8/2013 في بعض الصحف، عن رئيس وزراء النرويج (ينس ستولتنبرغ) الذي قاد في أحد الأيام سيارة أجرة لكي يفهم هموم الناخبين .
وقال بالحرف الواحد : (من المهم بالنسبة لي،أنْ استمع الى ما يفكر به الناس فعلاً. وأظن ان سيارة الأجرة هي المكان الذي يعبّر فيه الناس فعلاً عما يفكرون به)
والسؤال الآن : مَنْ مِنَ المسؤولين عندنا، كلّف نفسه عناء التنكر، والاحتكاك المباشر بالمواطنين للتعرف على همومهم ..؟!
ان اختيار المسؤولين منطقة معيّنة من العاصمة، لسكنهم بعيداً عن الناس، ما هو الاّ ضربٌ من ضروب العُزلة الاجتماعية، التي لاتتيح لهم فرص التعرف المباشر على هموم المواطنين وحاجاتهم.
ولو كانوا قد وزّعوا سكنهم على مختلف المناطق في العاصمة لكان ذلك أبلغ في التعبير – سياسيّاً واجتماعياً – عن الرغبة في مواكبة أحوال الناس وأوضاعهم .واذا كان العامل الأمني هو السبب في اتخاذ المنطقة الخضراء سكناً للمسؤولين، فانها اليوم، مستهدفة بشكل أكبر من باقي المناطق في العاصمة، فأين هو المبرّر اذن ؟!
المطلوب بصراحة : إقناع المواطنين بأن الحرص على سلامتهم، لا يقل عن الحرص على سلامة المسؤولين .
ان من صميم واجبات الدولة تأمين الحماية لأرواح مواطنيها ، 
وكلما زاد التلاحم بين المسؤولين والمواطنين، زادت فرص العمل المشترك بينهما، للقضاء على العدو المشترك وهو الارهاب، الذي مُني به الوطن الحبيب ، كما غصّتْ به المنظومة الدولية بوجه عام.وما أحلى صور التعاون الجادّ بين الشعب والدولة في مضامير انقاذ البلاد من الأخطار والأشرار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق