
الخطورة في حكم الغوغاء هي أنه لا يقتصر على تسليم الحكم لمن ليسوا أهلا له، لا خبرة لهم فيه ولا معرفة بمتطلباته، وإنما تمتد كذلك لتجهيل الشعب وإغراقه بالخرافات. فالحزب الديني يسعى لنيل أصوات الأكثرية. ولما كانت الأكثرية جاهلة وساذجة يعمد لدغدغتها بالخرافات وحنقبازيات الفتاوى والنعنعات الطائفية التي تتضمن تشويه التاريخ واختلاق الوقائع الوهمية وتكفير الطوائف الأخرى وتعميق الفرقة بين أبناء الشعب، وفي عين الوقت يسعى الحزب لنيل مباركة مشايخ ومرجعيات وتسخير الدين لمصالح سياسية ومكاسب شخصية حتى تغرق سياسة البلد ومستقبله في لجة من الجهالة يقف فيها الحزب بين المخلوق والخالق.
المعروف أن نسبة الأمية قد ارتفعت كثيرا في العراق الآن عما كانت عليه في عهد صدام حسين. وتروى حكايات عجيبة وغريبة عن مستوى المدارس والدراسة بما جعل الناس ينصرفون عنها. وهذه خطورة أخرى من أخطار الاعتماد على أصوات الأميين؛ إذ يصبح من مصلحة الحكومات التي تصل للحكم بجهالة هؤلاء الناخبين توسيع رقعة الأمية وتدمير القدرة على التفكير. وعلى عكس ذلك تسعى الديكتاتوريات العسكرية إلى تعليم الشعب لحاجتها إلى جنود متعلمين يستطيعون التعامل مع الأسلحة والتقنية الحديثة. هكذا انهمك عبد الناصر وصدام حسين في نشر التعليم في البلاد.
هذه حقيقة لا بد من مواجهتها، ومواجهتها بشجاعة، وليقل المنتقدون في الغرب ما يقولون. خيارنا بين اثنين؛ إما حكم عسكري واع وعلماني متطور، أو ديمقراطية ناجحة وفعالة تقوم على الشريحة المتعلمة والمتطورة وأصوات ناخبين متعلمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق