بحث هذه المدونة الإلكترونية

السبت، 31 أغسطس 2013

ضد أو مع الضربة الأميركية- مشاري الذايدي

ما زال أوباما يتحدث محاولا التهوين من شأن الضربة ضد قوات بشار الأسد، وأنها محدودة معدودة سريعة، وأنها ليست حربا، وأنها ليست بغرض إسقاط النظام. بقي فقط أن يخبر بشار بإحداثيات المواقع المستهدفة ليتم إخلاؤها، وبمدة الضربة حتى يأخذ بشار وماهر وبقية أركان النظام إجازة صيفية ريثما تنتهي الضربة!
أوباما يخوض في مياه يكره الخوض فيها، وأقبح خبر نقله له رجاله هو تأكيد أن قوات بشار استخدمت بالفعل السلاح الكيميائي المحرم! وبالتالي «دعست» قوات بشار على خط أوباما الأحمر. فلم يبق من مهرب لأوباما إلا إثبات صدق وعد أميركا ووعيدها.
الحرب تخاض لغايات متعددة، منها التوسع، ومنها الصراع على الموارد، ومنها الباعث الديني، ومنها الباعث القومي، ومنها حتى النزعات الشخصية، ناهيك بالحروب التي مبعثها حرج أخلاقي.
ليس صحيحا، أن «كل» الحروب تخاض لسبب واحد فقط.
فهذا أوباما يساق سوقا إلى حرب مختصرة سريعة، يشعر العالم كله بأنه لا يريدها، وكلنا يعلم كيف تلكأ الرجل عامين، رغم دموية الوضع السوري، عن فعل شيء حقيقي على الأرض. هذه حرب لاستعادة الهيبة والصدقية الأميركية، وأيضا حرب لإثبات المسؤولية الأخلاقية في الغرب، ناهيك بوجود بعد عملي فيها - هذه الحرب «المصغرة»، وهو عدم تطبيع استخدام السلاح المحرم في العالم. لا ندري عن جدية الحرب. ربما يتمخض جبل أوباما «كمشة» صواريخ لا تقدم ولا تؤخر..
المحزن في هذا الأمر، هو إدمان العرب على تكرير السلوك الغوغائي والإنكاري في كل لحظة، ففي اليمن خرجت مظاهرات متضامنة مع بشار القاتل بالكيماوي، وذهب وفد يمني لمساندته، وفي مصر تحفل الصحف، حتى الرصينة منها، بتغطيات موغلة في الإنكار، والإغراق في نظريات المؤامرة، في تكرير كربوني لغوغائية الإعلام العربي مع غزو صدام للكويت 1990. ثمة خليجيون، تأثراً بهذا الخطاب الحالم، يعزفون على نفس المقام. ويطلبون حلا عربيا، وكأن الكويت استعيدت من صدام بحل عربي!
ما المطلوب؟ أن يقتل بشار كما يشاء أملا في أن يصحو ضميره ذات يوم؟ أم أن يتوقف التحلل الاجتماعي في النسيج السوري، أم ترك الجرح السوري مفتوحا للمزيد من جراثيم «القاعدة» والميليشيات الشيعية!؟
أحد كبار الصحافيين العرب المنظرين ضد الضربة العسكرية على قوات بشار، بعدما استعرض دعوات الحرب في أميركا - لم يجد إلا القليل منها ضد بشار - ختم بحيرة: «إذا كان لي رأي ثالث، فهو أنني أرجو أن يفوز الشعب السوري، ولا أعرف كيف». يجيبه سوري هارب من الجحيم بعائلته من على حدود لبنان، هارب من كيماوي بشار وبراميله المتفجرة، ومن الضربة الأميركية المزمعة، كما نشرت جريدة «الحياة»، يقول عامر عبيد، (27 عاما)، الهارب السوري الذي وصل حدود لبنان وهو يقود سيارة فيها نساء وأطفال: «إن شاء الله سيضرب الأميركيون. أريدهم أن يضربوا، لكن الأميركيين لم يصدقوا يوما. عساهم يضربون، فيتنبه العرب أخيرا».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق