بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 أغسطس 2013

أمران لإطفاء الحريق - محمد عبد الجبار الشبوط


يتحمل المجتمع الدولي، الغربي والعربي بدرجة أولى، مسؤولية كبرى عن اشعال حرائق الشرق الاوسط، وبالتالي يتحمل المسؤولية الكبيرة في اطفائها. وحتى اللحظة، لا يبدو هذا المجتمع قادرا او راغبا في تحمل هذه المسؤولية. بل انه يمضي بعيدا في طرق تشغله عنها وتطيل من عمر هذه الحرائق الممتدة.
خذوا مثلا العراق. يتعرض العراقيون منذ فترة ليست بالقصيرة الى حرب ابادة جماعية بدوافع طائفية مكشوفة، ومغذاة من قبل اطراف في هذا المجتمع الدولي الغربي العربي. وتصل ارقام ضحايا هذه الحرب بسهولة الى  نفس مستوى نظيرتها في احداث 9 ايلول في الولايات المتحدة. نحن نعلم ان الولايات المتحدة شنت حربا عالمية ضد الارهاب بعد تلك الاحداث شملت اسقاط حكم طالبان في افغانستان وصدام حسين في العراق. لكن الولايات المتحدة اياها، ومعها بقية اطراف المجتمع الدولي، الغربي العربي، لا تحرك ساكنا ازاء فصول حرب الابادة الجماعية التي يشهدها العراق ويسقط ضحاياها، من المدنيين العزل، بالمئات والالاف. ماذا فعل المجتمع الدولي ازاء هذه الحرب؟ لا شيء حتى الان. انه يكتفي بالصمت، حينا، والادانة الخجولة حينا اخر، فيما تواصل ماكنة الحرب دورانها.
في سوريا هناك حديث في المجتمع الدولي عن استخدام للاسلحة الكيمياوية في منطقة الغوطة الريفية في ضواحي العاصمة دمشق. واستخدام هذه الاسلحة مدان ومرفوض في اي مكان وزمان ومن قبل اية جهة، ولا يمكن القبول به وتبريره مطلقا. ونحن في العراق ادرى به من غيرنا بعد ان اذاقنا صدام حسين طعمها القاتل في حلبجة قبل اكثر من نصف قرن. طبعا نحن العراقيين نتذكر بألم كيف اكتفى المجتمع الدولي بالصمت ازاء تلك المجزرة البشرية التي راح ضحيتها حوالي 5 الاف طفل وامرأة وشيخ كبير.
يلوح المجتمع الدولي الان، خاصة اميركا وبريطانيا، باستخدام القوة المسلحة ضد النظام السوري المتهم، دون اثبات حتى الان، ردا على استخدام السلاح الكيمياوي. والاكيد ان اجراء عقابيا رادعا ينبغي ان يتخذ ضد من استخدم هذه الاسلحة. لكن حتى هذه اللحظة تبدو كل خيارات المجتمع الدولي «سيئة» على حد وصف صحيفة «الغارديان» البريطانية لها. وكلها خيارات تم اللجوء اليها في السابق في اماكن اخرى ولم تؤد الى نتيجة.حتى هذه اللحظة يتجنب المجتمع الدولي، الغربي والعربي، الحديث عن منابع حرائق الشرق الاوسط. وهي بالدرجة الاولى الحركات الجهادية المسلحة المتطرفة التي تحمل الوصف الاسلامي زورا وبتهانا، والمدعومة من قبل اطراف اقليمية تلعب بالنار. يبتعد المجتمع الدولي تدريجيا عن الاهداف العالمية التي كانت متداولة قبل سنوات قليلة، وهي مكافحة الارهاب واشاعة الديمقراطية، وينخرط في قضايا لا تمت بصلة الى هذين الهدفين مهما كانت مشروعة او جديرة. ثمة صمت عالمي مريب على الارهابيين الذين يعيثون فسادا في بلدان تشتعل يوميا مثل العراق وسوريا وليبيا. وثمة صمت عالمي مريب عن قضية الديمقراطية في البلدان العربية، وكأن الصامتين يريدون ان يقولوا ان هذه البلدان عاجزة عن توليد الديمقراطية.«التدخل من أجل الحماية» مبدأ عالمي جرى العمل به في مناسبات عدة في الماضي. يبدو انه جرى تجميد هذا المبدأ، او انه صار يستخدم لأغراض التدخل دون قصد الحماية. تبدو الان الشعوب المسالمة في الشرق الاوسط مكشوفة امام النشاط الارهابي.
الطرق السلمية في حل المشاكل او النزاعات الداخلية لدول المنطقة وتجفيف منابع الارهاب المحلية والاقليمية فيها امران لا بد من القيام بهما اذا اراد المجتمع الدولي اطفاء حرائق الشرق الاوسط. وكل حديث غير هذا لا يؤدي الى شيء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق