بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 26 أغسطس 2013

الحكام يتحملّون المسؤولية كاملة -د.رحيل محمد غرايبة



الحكام يتحملون المسؤولية كاملة عما يجري في حدود دُولهم، فهم يتحملون المسؤولية عن حماية شعوبهم، وتأمين معيشتهم ،وحفظ أمنهم واستقرارهم، وتأمين مستقبل أبنائهم، وتوفير الحياة الكريمة لكل مواطنيهم، ويتحملون مسؤولية حفظ الحدود ومقاومة الأعداء والغزاة الخارجيين، ويتحملون كامل المسؤولية من أجل منع اللصوص وقطاع الطرق «والمافيات» الداخلية من ترويع المواطنين ،أو سلب ممتلكاتهم وتنغيص حياتهم،ويتحملون المسؤولية عن كل حدث، وعن كل صغيرة وكبيرة في بلادهم وعلى أرضهم، وعندما يعجز الحكام عن تحمّل هذه المسؤولية يجب عليهم أن يقدموا استقالاتهم فوراً، فلا مبرر لبقائهم أو استمرارهم! خاصة بعد أن أخذوا الوقت الكافي لتوفير الأمن والاستقرار التام وأخذوا فرصتهم التامة لاثبات جدارتهم وقدرتهم على تحمل المسؤولية.
التملّص من تحمل المسؤولية؛ الذي يمارسه الحكام، والبحث عن مشاجب داخلية أو خارجية للتعليق عليها ضعفهم وعجزهم عن معالجة ما يجري داخل حدود دولتهم، يمثل شكلاً من أشكال التبرير المرفوض، وهو نوع من المواربة عن امتلاك الجرأة والشجاعة الأدبية للاعتراف بالعجز وعدم القدرة على القيام بالواجب المطلوب.
عندما تمضي الأعوام تترى، والبلاد تمور بالعنف موراً، وما زال الاقتتال الداخلي مستمراً في حصد الأرواح، وزهق الأنفس وتشريد الملايين وتدمير المباني، يجب على الحاكم أن يمتلك الحد الأدنى من المروءة التي تمكنه من التضحية بالكرسي من أجل حفظ بلاده وحقن دماء شعبه، وأن يفسح الطريق لشخص اخر ومجموعة أخرى من تحمل المسؤولية.
بعد تطور الأحداث في سورية على هذا النحو المرعب الذي يزداد سوءاً ودموية، بعد ما يقارب ثلاثة أعوام، يفتح الباب واسعاً لاحتمالات متعددة، تحمل في ثناياها التدخل الأجنبي، خاصة بعد جريمة استخدام الاسلحة الكيماوية في أكثرمن مكان، على النحو الذي يثير الفزع والصدمة، وفي هذا السياق لا يتحمل أحد مسؤولية ذلك الاّ النظام وحده، سواء كان هو من استخدم السلاح الكيماوي ، أو أي طرف آخر مجهول، وذلك لأن النظام ما زال يزعم أنه صاحب السيادة الكاملة على ارض الدولة، وهو صاحب الأمر والنهي، ولم يعلن حتى الآن انسحابه من أي مدينة، ولم يعلن تخليه عن إدارة أي جزء من الأرض السورية، وخاصة دمشق العاصمة وضواحيها، إن من يتربع على كرسي الحكم يجب أن يعلم قطعاً أنه يحمل واجب حماية هذه الرقعة من الأرض، ويجب أن يكون قادراً على صد العدوان عنها بكفاء، وأن لا يكون سبباً لإضعاف جيشه وتمزيق شعبه، وهذا يتطلب منه أن يجعل الشعب والجيش والدولة كلها صفاً واحداً في مواجهة الغزو، وليست وظيفته البحث عن فذلكات اعلامية ومبررات سطحية لتضليل الناس وخداع العامة.
من الغريب والعجيب أن يصبح الحكام نقمة على شعوبهم، يسلبون أموالهم، ويصادرون قوت عيالهم، ويزرعون الفتنة بين مكونات مجتمعاتهم، ويسهمون في تدمير الدولة وتحطيم المؤسسات، وينصبون جسراً يعبر عليه الأعداء والغزاة الى عمق عواصمهم! والأشد عجباً وغرابة أنهم يجدون دائماً من يبرر عجزهم وضعفهم وسوء ادارتهم! ويربت على استبدادهم وتسلطهم وفسادهم! ثم يبحث عمن يتحمل مسؤولية ذلك عنهم!.
نتمنى ذلك اليوم الذي يأتي في المستقبل العربي القريب؛  نسمع ونرى حاكماً عربياً يقدم استقالته، لأنه لم يستطع تحمل مسؤولية حماية شعبه، أو أنه عجز عن حشد شعبه وجيشه في صد العدوان، أو أنه لم يتمكن من إطفاء الفتنة التي اشتعلت في بلاده! كما نسمع في العالم المتقدم أن وزيرا للتربية والتعليم قدم استقالته لأن تلاميذ صغارا أقدموا على قطف أزهار من حديقة عامة! فهل يمكن القياس عليها أن يقدم حاكم عربي على الاستقالة لأنه لم يستطع وقف هجوم كيماوي أدى الى مقتل (2000) مدني من الأطفال والنساء والشيوخ، أو يقدم استقالته لأنه لم يستطع الحيلولة دون تهجير (3) ملايين مواطن خارج الحدود !و (5) ملايين داخل الدولة! ولأنه لم يستطع أن يضع حداً للحرب الداخلية التي أودت بحياة (100,000) انسان، وأوجدت مليون جريح ومصاب!
لا أدري لماذا لا يقدم مثل هؤلاء على الاستقالة وتسليم الأمانة، خاصة أن الشعب لم ينتخبه، ولم يمنحه الشرعية عبر صناديق الاقتراع، حتى يتمسك بالحفاظ على إرادة الشعب المفقودة، ولا أدري ما هي المتعة التي يحققها الزعماء الجالسون على كراسي عائمة على بحر من الدماء! وتنتصب على تلال من الأشلاء والجثث المتفحمة!!.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق