بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 29 أغسطس 2013

الجامعة العربية.. إن نطقـــت! -سالم مشكور





وسط طبول الحرب على سوريا بحجة تأديب نظامها، وضجيج المواقف الاوروبية الخليجية وتهديداتها المشفوعة بإرسال اسلحة وتحريك قطعات بحرية، جاء موقف جامعة الدول العربية هزيلا كعادته، متطابقا مع موقف الدول الخليجية التي تقود الجامعة منذ سنوات.
عند اشتداد الازمات في المنطقة العربية تكثر التساؤلات حول موقف الجامعة ولماذا لا تتدخل لحماية الشعوب مما تتعرض له على يد انظمتها. هذه التساؤلات تغفل حقيقة دور الجامعة والهدف من تأسيسها عام 1945 على يد سبعة أنظمة عربية سائرة كلها في الفلك البريطاني آنذاك. أساس الفكرة كان بريطانيا هدفه مواجهة التيار العروبي المتنامي آنذاك.
 كانت خطوة تخديرية ظاهرها تجمع توحيدي للدول العربية يمتص المد العروبي، وحقيقتها جامعة تحمي مصالح الانظمة المؤسسة والمنظمة لاحقا. هكذا كانت تفسر الجامعة تعبير "الدول العربية " بمعناه الضيّق، أي الحكومات العربية رغم ان دلالة "الدولة" أوسع من الحكومة في علم السياسة، فالمادة الثانية من ميثاق الجامعة ينص على ان"الغرض من الجامعة توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها وتنسيق خططها السياسية تحقيقاً للتعاون بينها"
كانت الجامعة العربية ترفض استقبال وفود من المعارضات العربية مبررة ذلك بأن تعاطيها يقتصر على الانظمة فقط. حدث هذ مرارا عندما حاولت جهات عراقية معارضة لقاء مسؤولي الجامعة إبان النظام الدكتاتوري السابق.
 لكن هذا الموقف تغيّر فجأة بعد الاطاحة بذلك النظام، عندما بدأت الجامعة تستقبل وفودا متتالية من معارضي التغيير والذين هم في غالبيتهم من أنصار نظام صدام لدرجة ان الامين العام السابق عمرو موسى جعل من أحد هؤلاء مستشارا له للشؤون العراقية. مقابل ذلك كان انفتاح الجامعة على النظام الجديد في العراق متحفظا جدا حتى بدا وكأن الجامعة تحتفظ بالودّ إتجاه الانظمة الدكتاتورية العربية حتى بعد سقوطها . هنا بدأت الجامعة وعبر أمينها العام ومساعديه التدخل في الشأن الداخلي العراقي بحجة الدفاع عن حقوق الانسان وتفاصيل الاداء السياسي للنظام الجديد وهي التي لم تناقش يوما او حتى تطلق تصريحا يتناول الانتهاكات التي ترتكبها الانظمة الدكتاتورية العربية وهي مما لا يعد ولا يحصى.
وعند اندلاع الازمة السورية قبل عامين وقفت الجامعة في صف المعارضة آنذاك والتي تحولت بعد ذلك الى عصابات تشيع القتل والدمار مقابل نظام لا يقل عنها وحشية وقسوة. نسي الامين العام تأكيدات اسلافه على حصر التعامل مع الانظمة فقط، بل راح ومساعدوه يمارسون معارضة حادة لنظام الاسد وصلت الى درجة تدويل القضية وتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية.
 كل ذلك جرى بدفع من أنظمة خليجية لا تحترم انسانا ولا تعترف بحق من حقوقه في بلدانها.
ينص ميثاق الجامعة على ان لكل عضو صوتا واحدا بغض النظر عن حجم الدولة العضو، لكن الممارسة اثبتت مؤخرا ان العضو الاكثر ثراء ورشوة هو صاحب الصوت الاقوى حتى لو كان مجهريا، بعدما غاب التوازن الذي كانت تشهده الجامعة خلال عقود. باتت اليوم أداة بيد دول تنفق المليارات من أجل تدمير البلدان العربية وقتل ابنائها.
حدث ويحدث ذلك في العراق ومصر ولبنان وسوريا التي لا تجد الجامة العربية غير طرف واحد توجّه اليه اللوم، هو النظام الحاكم متغافلة عن فرق الموت التي تعمل بالأمرة التركية والخليجية في أنحاء الاراضي السورية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق