بحث هذه المدونة الإلكترونية

الثلاثاء، 27 أغسطس 2013

ما شَأنُكَ بديني ومذهبي وبأصلي وبفصلي؟ - د.خالد عايد الجنفاوي -الكويت


"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" "المائدة 8".

أعترف أنني أحاول قدر ما أستطيع أن أنظر دائماً الى الشخص الآخر كإنسان مساوٍ لي في الحقوق والواجبات الانسانية, بل أبتعد شخصياً قدر ما أستطيع عن إستعمال فلاتر دينية ومذهبية وعرقية وثقافية في النظر إلى بني البشر الآخرين, ولكن أكثر ما يضايقني في تصرفات البعض هو وجود نفر معين ضيقي الأفق يبدو انهم عاهدوا أنفسهم على تصنيف وفلترة علاقاتهم الإنسانية مع الآخرين بناء على دين ومذهب وأصل وطبقة وفصل وثقافة الشخص الآخر! فلا يرتاح هؤلاء المُصَنِّفون بطبيعتهم من النظر إلى الإنسان الآخر عبر فلاتر مصطنعة يستعملونها لمنح هذا أو ذلك الشخص قدراً معيناً من المشروعية أو الإحترام. أي أن من يهمه قبل بدئه لعلاقة إنسانية طبيعية مع الشخص الآخر دينه ومذهبه وعرقه وطبقته الاجتماعية وثقافته هو شخص يعاني من عقد نفسية يصعب حلها. فما شأن الإنسان السوي بدين الآخرين وبمذهبهم وبأصلهم وبفصلهم, إذا كانت هذه الصفات الدينية والمذهبية والعرقية الطبيعية لا علاقة لها بالكينونة الإنسانية للطرف الآخر: دين ومذهب وعرق وثقافة الآخر لا علاقة لها بإستحقاقه الدائم للإحترام والتقدير كإنسان وكمخلوق بشري يساوي في قيمته الإنسانية الأفراد الآخرين.
المقدرة على النظر إلى الإنسان الاخر المختلف من دون استعمال عدسات مفبركة وجدران مصطنعة هي مهارة يكتسبها الإنسان باختياره. فلا يتطلب النظر إلى الإنسان الآخر كإنسان حر ومستقل, ويحمل بين جنبيه قيمة إنسانية ثمينة سوى التخلص من النظرات التفريقية والشخصانية. أي أنه لا توجد مهارة معينة يمكن أن يكتسبها الإنسان السوي لتعويد نفسه على النظر بشكل إنساني وراق تجاه الآخرين سوى قيامه باختيار التعامل معهم بشكل سوي. 
أما من يصر دائماً على تصنيف الناس لكي يعترف بإنسانيتهم وباستحقاقهم للاحترام الآدمي فهو إنسان فقد احترام نفسه. فمن يختار طوعاً أن يُغلَّف عقله ضيق الأفق بستائر مصطنعة تمنعه من التواصل الانساني والإيجابي مع الطرف الآخر فهو يعيش حياة مزرية. فما هي طبيعة الحياة اليومية التي تمتلئ بضيق الأفق وبالتفرقة وبالشخصانية إذا لم تكن حياة فقد فيها أحدهم إحترامه لنفسه كإنسان يعيش في مجتمع إنساني يرتكز على التعددية والتنوع البشري?

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق